الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قسوة قلبي، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لست أدري ماذا أكتب؟! ولكن مشكلتي في قلبي ليس متعلقا بشيء، صرت أقضي أيامي لأنام، ثم أستيقظ، ولكن كل يوم قبل أن أنام أفكر متى سأستيقظ؟!

سابقا كنت دوما أقول أريد أن أتقرب إلى الله، إن هذا الكلام رائع وبإمكاني قوله الآن، ولكني لا أشعر به! لا أجد قلبي يتعلق بأي شيء، كنت في الدراسة أقول سوف أتحسن في الإجازة، وها هي قد أتت وانتهت وازداد قلبي موتاً، لقد بدأ الأمر منذ انقطعت عن قيام الليل تماما، فأنا لا أستيقظ، وقد علمتُ أن تركي لطاعة سببه ذنب، ولكني لا أعلم أي ذنب بالتحديد، فلا أدري مما أتوب؟ والتوبة تقتضي أن أقلع عن الذنب.

مشكلتي التي أرجو الرد عليها، أرجوكم كيف أعيد الحياة لهذا القلب؟ كيف أعيده ليتعلق بالله؟ أنا أموت من قسوته وأخشى بشدة أن أموت قريبا فليس معي ما يكفيني من زاد، ولكن حتى مع قولي هذا لا زالت نفسي لا تعمل، لا زال قلبي لم يتعلق رغم أنني دوما حزينة عليه وأبكي له، ولكن ماذا أفعل؟ هل من الممكن أن أتغير وأتحسن؟ هل من الممكن أن يأتي ذلك اليوم وأكون أفضل وأستمر في الزيادة لا أن يكون يوما واحدا في الشهر في قرب وباقيه ميتة!

جزاكم الله كل خيرا على قراءتكم لاستشارتي، وعسى الله أن يجري دوما على ألسنتكم الخير وما يرضيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حسنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا بما في نفسك، أعانك الله ويسّر لك أمرك.

نعم طبعا يمكنك أن تتغيّري، فبقاء الحال من المُحال، كما يُقال. لا أدري إن كان ما تشعرين به، وما عبّرت عنه بشكل جيد في رسالتك، لا أدري إن كان بسبب توقفك عن قيام الليل، فإذا كان، فربما هذا دليل حسن، وهو أن قلبك متعلق بالله تعالى، فما تعاني منه إنما هو نتيجة هذا الابتعاد.

ولكن يمكن أن يكون سبب ما تشعرين به أمور أخرى في حياتك، سواء في حياتك الخاصة أو الأسرية أو خارج الأسرة، وأنت لم تتحدثي لنا كثيرا عن ظروف حياتك، فما في القلب يتأثر كثيرا بالظروف التي تحيط بنا في حياتنا، والعكس صحيح.

ولا ننس أيضا أن القلوب تتقلب وتتغيّر، كما أنها أحيانا تملّ وتتطلب التجديد، فهي كالإيمان يزيد وينقص، وكما قال الرسول الحبيب داعيا لنا لتجديد الإيمان، فكما قال: "جددوا إيمانكم فإن الإيمان يبلى كما يبلى الثوب...".

فما العمل الآن؟
سأذكر لك بعض الأمور والتي يمكن أن تعينك على تحقيق مبتغاك، بعون الله.

حاولي أن تلتزمي لبعض الوقت بمجرد الفروض من الصلوات الخمس والسنن المتعلقة بها، واعزمي في نفسك أن تعودي لقيام الليل وما تحبين من أعمال البر التطوعية في وقت قريب تشعرين فيه بالنشاط والهمة، ومن دون أن تلومي نفسك كثيرا أنك لا تقومي الليل.

وفي نفس الوقت، حاولي أن تتعرفي على ما يمكن أن يكون قد نغص عليك حياتك من أمور وأحداث من حولك، سواء في دراستك أو أسرتك أو خارج الأسرة، فإذا عرف السبب بطل العجب.

اعملي على تنشيط بعض الهوايات والاهتمامات، وخاصة الرياضة، فالرياضة مضادة للاكتئاب والملل، ومن أسباب النشاط والحيوية.

حاولي أن تتواصلي مع من تحبين وترتاحين لهم من أفراد الأسرة أو الصديقات، فالصديقات أيضا يمكن أن يساعدنك على تحسين مشاعرك من نفسك، فالإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي.

وفي النهاية، أرجو أن يكون في هذا ما يعينك على التغيير، وعلى تحقيق ما تتمنين، والله موفقك، وبانتظار سماع أخبارك الطيبة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات