الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع أبنائي وأبناء زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.
أشكركم جزيل الشكر.

لدى زوجي ولدان وبنت من زوجته الثانية، ويعيشون معنا، وعندي أنا أيضا ولدان، وأنا -والحمد لله- أبذل جهدي لأعدل بينهم، ولكني لا أعلم ماذا جرى لي! فقد أصبحت قاسية، وفي بعض الأوقات إذا عملوا خطأ أرفع صوتي عليهم، مع أنهم ما زالوا صغارا، الكبير عمره سبع سنوات ونصف، والبنت عمرها ست سنوات ونصف، وفي بعض الأوقات تمتد يدي عليهم، لكن ليس إلا لمصلحتهم؛ لأنهم أتعبوني، خصوصا الولد؛ لديه تصرفات لا تعجب والده، وأبنائي يقلدونه بكل تصرفاته.

كان الكبير لدي يقوم بتصرفات رائعة، والآن أصبح لا يطاق، حتى أني أصبحت لهجته عنيفة، بخلاف الصغير، ولا نريده أن يقلد تصرفاتهم، أما البنت فهي حزينة طوال الوقت، ولا أعلم لماذا! حتى لو نلعب أو نتنزه! وهي دائما ترجع الطعام، وأصبحت نحيفة جدا. أعطيناها فاتح شهية، وأسعفناها، فأجروا لها فحص دم، وقالوا: سليمة، ومشكلة إرجاع الطعام لدى أخيها الكبير، أما الثالث (ابني) فقد أصبح يرجع، مع أنه لم يكن كذلك.

إذا مددت يدي عليهم يحرقني قلبي، وأعتذر لهم، وأخبرهم أن يقتصوا مني، ولا يرضون، لكنهم أطفال يحبونني، وأنا أحبهم جدا، مع العلم أن الولد عندي منذ أن كان عمره سنتين ونصف والبنت منذ أن كان عمرها سنة ونصفا، فهم ينادوني بـ"ماما"، وأنا أعاملهم كأولادي، لكني أقسو على أولادي أكثر منهم، فهل أأثم على ذلك؟

مع أني أكره هذه الصفة، لكني لا أعلم لماذا! فقد كنت حنونة جدا، لكن تغيرت طبيعتي، وأصبحت "أتنرفز" من تصرفاتهم، ربما لأن أباهم يتضايق من أفعالهم؛ فهو أيضا يمد يده عليهم، وإذا لم تمتد يده يكونون غريبين كأنه ليس والدهم، يفعلون كل الأخطاء التي يمنعهم منها، ولقد وضحت للكبير أن إخوته كلهم يقلدونه، وهو طيب، لكن مشكلته أنه يحب عمته زوجة عمه، وبصراحة هي تلاعبهم ملاعبة خاطئة، كأن يتصارعوا ويسبوا بعضهم، ثم ترجع فتشتكي أنهم قليلو أدب!! وأبوهم يمنعهم منها، وقد أخبرته أن المنع ليس الحل.

أيضا: لا أعلم لماذا حين يأكلون معنا الإرجاع يزيد! وحين يأكلون عندها -على حد قولها لزوجي- أنهم ما شاء الله!

انصحني كيف أتصرف؟ فبصراحة أخاف العقاب، وفي بعض الأوقات الكبير يتحسن لمدة أسبوع أو أكثر، ثم يعود كما كان.

أبوهم يحبهم، لكنه أصبح يسميهم مرضى نفسيين، فهم يخافون منا، ولا يخبرونا بشيء، حتى حين يذهبون للمدرسة، ويقومون بعمل أخطاء لا يخبرونا، حتى نعلم من بنات عمهم.

ملاحظة: هم يأتمنون عمهم وزوجته، وإذا أخبروهم لن نقول لـ"بابا" لا يخبرونا، إلا عندما اشتكوا منهم نعلم بعد ذلك ماذا حصل، فما الحل؟

قبل أن أجهز الطعام أسألهم: ماذا نفعل؟ حتى أعمل شيئا يحبونه، لكن لا فائدة، نفس الشيء يحدث، أكل ببطء وإرجاع لطعام.

جزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maky gubran ali حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة وردا على استشارتك أقول:

جزاك الله خيرا على ما قمت وتقومين به مع هؤلاء الأطفال، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر والمثوبة.

أرى أن تقتربوا من هؤلاء الأبناء أكثر وأن تصبروا عليهم، فالأولاد يتعلمون بعض السلوكيات الخاطئة من المدرسة ومن الشارع، وهنا يأتي دوركم في حسن التوجيه والتشجيع على عدم تقليد الزملاء.

الأطفال يحبون القصص ويأخذون منها السلوكيات أكثر من التوجيه المباشر، وخاصة إن كانت القصص مشوقة، فلو أنك تقرئين بعض القصص ومن ثم تحكينها لهم، لكان ذلك حسنا، وأحسن أوقات زرع قيم تلك القصص حين يذهب الأبناء للنوم، مع الاستمرار في ذكر القصة إلى نهايتها حتى لو نام بعضهم، لأن العقل يبقى يتلقى الكلام.

ابتعدي عن القصص المخيفة وتخيري المشوقة وما أحسنها، لو كانت مأخوذة من القرآن والسنة، فهنالك كتب كثيرة في الأسواق يمكن شراؤها والاستفادة منها.

قومي بعمل رقية للأبناء الذين يسترجعون الطعام لأن الأمر ليس طبيعيا أن يحصل ذلك عندك فقط.

اشتروا لهم الألعاب المناسبة واقتربي من البنت أكثر ولاعبيها ومازحيها، وأعطوهم فرصة كبيرة للترويح عن أنفسهم، فبعض الأولاد يكون حساسا جدا لفقد أمه، ولا غرابة في ذلك، فيظهر آثار ذلك على بدنه وسلوكه.

الضرب ليس أسلوبا صحيحا في التربية إلا في بعض التصرفات، ويكون خفيفا تأديبيا، والعقوبات التي يمكن أن يستخدمها المربي كثيرة منها منعه مما يحب.

التشجيع والثناء والمدح في حال الإصابة وعمل السلوك الصحيح مما يعزز ذلك السلوك في النفس ويشجع الطفل على الاستمرار عليه.

أن يكون الأب والأم قدوة في تصرفاتهم أمر مهم، لأن أي سلوك غير سوي سينعكس على الأولاد وسيولد في أنفسهم انفصاما نكدا، فكيف يأمر المربي بشيء ويفعل خلافه، لأن الولد ينقدح في نفسه أن ما يفعله الأب هو الأفضل وإنما يريد حرمان الولد منه.

استقامة الوالدين تنعكس على الأولاد إيجابيا، ولك أن تنظري كيف أن الله تعالى حفظ لأولئك الأبناء كنزهما حتى يبلغا أشدهما كما ذكر ذلك في سورة الكهف، فقال تعالى: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) وقد كان بعض السلف يقوم الليل يصلي ويرى أبناءه نياما فيقول: إني أفعل ذلك من أجلكم ويتلو هذه الآية.

الطفل إذا شعر بالأمان أخرج ما في نفسه وفضفض به، لذلك يتكلمون مع عمهم ولا يتكلمون معكم، بسبب خوفهم الشديد منكم، وبسبب كثرة التهديد والضرب فعليكم أن تشعروهم بالأمان.

تضرعوا بالدعاء بين يدي الله تعالى أن يصلحهم، وأكثروا من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً