الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب عملية انتفاخ الغدة أصبت بوسواس بلع الريق، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لاحظت في رقبتي انتفاخا بسيطا منذ سنتين، واتضح أنه الجزء الأيمن من الغدة الدرقية، وأصبح الأمر يشغل كل تفكيري حتى بدأت تكبر أكثر، فذهبت للطبيب، وتبين أنها سليمة، ولكن بسبب ازدياد حجمها السريع أجريت عملية للجزء المتضخم.

بدأت معاناتي بعد العملية، تبين أن الورم حميد، لكني بدأت أشعر بالنقص، وأصبت بوسواس المرض الذي يقتحم تفكيري، وصرت أحزن حيال أخذي لدواء هرمون الغدة، وكنت أبكي كثيرا، علما أني كنت أعاني اجتماعيا وعاطفيا في نفس الوقت، لذلك تجمعت الضغوطات، فبدأت أشعر بألم في رأس المعدة يذهب ويأتي، وفي يوم من الأيام أصبت بصدمة قوية، وبدأت أبكي وأتوهم أن هناك شيء عالق في بلعومي، وفي اليوم التالي شعرت بشيء حقيقي عالق في بلعومي، وصعوبة في بلع الريق، وألم في البطن، وغازات شديدة.

ذهبت للطبيب، وتبين أني سليمة، وأجريت الكثير من الفحوصات وتحاليل الدم والجرثومة، وكانت كلها سليمة، ومن خلال منظار المعدة ظهر إصابتي بالقولون العصبي، وارتجاع المريء، والتهاب المعدة.

أخذت أدوية الحموضة والقولون، لكن لم أستفد، وازداد الوسواس كثيرا، أصبحت أشعر بعدم القيمة، تعطلت حياتي، لا أرغب في أي شيء، كرهت ذاتي، أشعر أني عالة، أشعر أن الدنيا بأكملها محشورة في حلقي، تراودني الرغبة بالموت، ولكني أخاف من عقاب الله تعالى.

مشكلتى الكبرى شعوري بصعوبة البلع، أشعر أن بلعومي متماسك وأفكر فيه طول الوقت، وأثناء بلع ريقي أنظر في المرآة باستمرار، أصبح عندي فرط وعي بعملية بلع الريق، وصوت طقطقة أثناء بلع الريق، وأشعر بالاختناق أحيانا وانتفاخ وتجشؤ، وكل ذلك منذ سنة وخمسة أشهر.

لم أذق طعم الراحة، وكل الأدوية والحميات الغذائية فشلت معي، وكلما ازداد تفكيري بالأمر ازدادت الأعراض الجسدية، فما الحل؟ أفيدوني، هل يمكن للحالة النفسية أن تتسبب في مثل هذه الأعراض كلها؟ أريد الذهاب لطبيب نفسي، لكني أخاف الأدوية النفسية كون أخذي للدواء يسبب لي الذعر، والوسواس المرضي يزداد، وعندما أختلط بالناس وأنسى الموضوع يخف قليلا، لكن عندما أتذكره أبدأ في بلع ريقي ويبدأ الشعور بالتشنج.

أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

رسالتك واضحة جدًّا، وأنا أؤكد لك أن أعراضك نفسيّة بنسبة مائة بالمائة، والأعراض النفسيّة تتمثل في وجود قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، وهذا الذي جعلك تعيشين درجةً عاليةً جدًّا من الوسوسة والخوف المرضي، وأدّى إلى ظهور الكثير من الأعراض الجسدية، والتي نحبُّ أن نسمِّيها (نفسوجسدية).

فالشعور بالتشنّج في البلعوم، وأعراض القولون، وأعراض المعدة: هذه كلها ناتجة حقيقة من قلق المخاوف الذي تعانين منه، فأرجو أن تطمئني تمامًا.

إجراء الجراحة للغدة كان قرارًا سليمًا وصحيحًا، لأن الوسوسة والتشكُّك حول طبيعة التضخم ستظلُّ تلازمك، فلا تحزني، وتناول الثيروكسين كدواء تعويضي مهمّ، والجرعة هي جرعة واحدة في اليوم. ثبِّتي وقتها، مثلاً مع شاي الصباح، أو مع الإفطار، المهم اجعلي وقتها ثابتًا، وهذا سوف يُريحك كثيرًا.

ذهابك إلى الطبيب النفسي أمرٌ إيجابي جدًّا، وأنت تحتاجين لدواء واحد فقط مضاد لقلق المخاوف، الدواء الأفضل هو عقار (سبرالكس) والذي يُسمّى علميًا (استالوبرام)، وتوجد أدوية أخرى أيضًا مفيدة، مثل الـ (زيروكسات)، والـ (زولفت)، لكن أعتقد أن السبرالكس سيكونُ دواءً أنسب لك؛ لأنه دواء بسيط، ودواء لطيف، وسليم، وغير إدماني، ولا يؤدي أبدًا إلى اضطراب في الهرمونات النسائية، وآثاره الجانبية تكاد تكون معدومة، فقط ربما يؤدي إلى زيادة في الشهية نحو الطعام، هذا قد يحدث وقد لا يحدث، وإن حدث لك شيء من هذا حاولي أن تتحكّمي في نظام التغذية لديك حتى لا يزيد وزنك ويخرج من النطاق الطبي.

جرعة السبرالكس المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بخمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تتناولينها يوميًّا كجرعة تمهيديّة لمدة عشرة أيام، بعدها اجعلي الجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ارفعيها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، بعد ذلك انتقلي إلى الجرعة الوقائية، وهي عشرة مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم جرعة التوقُّف التدريجي، بأن تجعلي الجرعة خمسة مليجرامات يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

هذه طريقة جيدة وممتازة، وسوف تكون هنالك نتائج رائعة جدًّا حين تتناولين هذا الدواء -إن شاء الله-.

وهنالك آليات علاجية أخرى يجب أن تُدعّمي نفسك بها، منها: تجاهل الأعراض، حُسن تنظيم الوقت، عدم التردد على الأطباء بكثرة، ممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، ممارسة تمارين استرخاء، التواصل الاجتماعي الإيجابي، المشاركات الأسرية الفاعلة، الحرص على الورد القرآني اليومي، وقطعًا الحرص على الصلاة والقيام بها في وقتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، هذه كلها إضافات ممتازة جدًّا لتدعمك علاجيًّا ونفسيًّا وجسديًّا.

وللفائدة راجعي علاج الخوف من الأمراض سلوكيا: (263760 - 265121 - 263420 - 268738).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا ساره

    جزاكم الله كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً