الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببتها وأريد الزواج منها لكن مواقفها معي تمنعني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آسف لأنني سأطيل عليكم بالقصة، وسأذكر كلمات أخجل منها، ولكن غرضي منها أن أصل القصة بتفاصيلها لأنني مشوش جداً.

أنا شاب، أعزب، بعمر 28سنة، ملتزم وأخاف الله، لم يكن لدي أي علاقات مع الفتيات من قبل، ولم أدخل في علاقات خارج حدود الله، ولكن قبل سنتين وقعت في حب زميلتي في العمل، وأفصحت لها عن حبي ونيتي بالزواج منها، وهي قابلتني بالحب، ولكنني بعد فترة وجيزة رأيت فيها أشياء لم أحبها قط بل كنت أشعر بالحياء، فهي ما لبثت أن أزاحت حد الخجل بيننا وبدأت تذكر أشياء يخجل منها الحبيبان ولا يتم ذكرها إلا بعد الزواج؛ كتلميحها أنها في دورتها الشهرية، واستفسارها عن قوتي الجنسية، علماً أن الفتاة كانت عفوية جداً، وكانت سليطة اللسان وتهينني أحياناً عندما تنزعج، ولكنها تندم بسرعة وترضى بكلمتين جميلتين مني، أعلمتها بأخطائها ونبهت عليها مرات كثيرة، ولكنها كانت تعود لعادتها في كل مرة، ثم طابت الأمور بيننا وطلبت يدها من أبيها، ووافق بشدة، ولكن حدث بيني وبين الفتاة سوء تفاهم على تفاصيل المهر وأهانتني، فلم أعد أطيق الأمر، وألغيت فكرة الزواج منها، ولكنها ندمت وعادت تطلب الصفح مني، ولكنني كنت مكسور القلب، ولم أعد أطيق أي كلمة منها، وتذكرت جميع مواقفها السيئة كعدم الخجل بالكلام.

ابتعدت عنها، فأصبحت تهددني بأهلها لأترك وظيفتي وأغادر البلد، لكنني لم أفعل بالطبع، ثم عادت تحاول كل مرة تطلب الصفح مني وأنا أصدها وأقول لها أن ترى حياتها مع غيري، ولكنني بنفس الوقت لم أكن أستطيع نسيانها فقد أحببتها من قلبي.

مرة ضعفت وحاولت أن نرجع لبعض وننسى جميع الخلافات، ولكن بعد أقل من أسبوع عادت الخلافات بيننا وتركتها، لم أعد واثقاً من أني أريد هذه الفتاة أم لا؟! أحبها لكن مواقفها تمنعني عنها، أهلي عرضوا علي فتاة ملتزمة ومحجبة لأتزوجها؛ لكنني خائف من أني قد أظلم الفتاة الأولى التي تبعث برسائل الندم والتعب، وأنا مشوش جداً، وأريد أن أتعرف على الفتاة الملتزمة؛ لكني خائف من أني أظلم الفتاة الأولى ودعواتها علي.

أعلم أني أخطأت عندما أكملت علاقتي بالفتاة بعدما علمت سلاطة لسانها وعدم حيائها، لكنني كنت ضعيفا وأبديت مبدأ المسامحة لعلها تتعلم.

سؤالي: ماذا علي أن أفعل؟ فلم أعد أثق بالفتاة لكن قلبي معلق بها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- ورداً على استشارتك أقول:
هذه الفتاة لا زالت أجنبية بالنسبة لك، وكونك قد عرفت عنها تلك الصفات وأنها مهما اعتذرت فإنها تعود لما كانت عليه، وأكبر العيب في المرأة أن تكون صاحبة لسان سليط، والذي أراه أنها غير مناسبة لك وتركها لا يعد ذنباً وليس لها الحق في الدعاء عليك، وإن حصل فإنه يضرها بإذن الله ولا يضرك.

اقطع تواصلك معها، ولا تسمح لها بالتواصل معك عبر أي وسيلة، فإذا رأت منك الحزم فإنها سوف تترك التواصل معك.

عليك أن تستغفر الله عن كل ما بدر منك في إنشاء العلاقة مع فتاة لا تحل لك، ومن شروط التوبة النصوح: الإقلاع عن ذلك، والندم على ما حصل، والعزم على ألا تعود مرة أخرى.

عدم نسيانك لها أمر طبيعي كونها أول امرأة تتعرف عليها، وكان بينك وبينها كلام وتواصل، ثم لو ارتبطت بفتاة أخرى ستنساها بإذن الله.

أنصحك أن تختار لنفسك شريكة حياة تكون صاحبة دين وخلق كما أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (تنكح المرأة لأربع لدينها وجمالها ومالها وحسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومعنى تربت يداك: التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

صاحبة الدين والخلق خير ما يكتنزه المرء، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته).

عليك أن تعجل بالزواج إن كنت جاهزا فذلك سيدخلك في حياة جديدة وسينسيك ما سواها.

صل صلاة الاستخارة قبل أن تقدم على خطبة الفتاة الجدية، وادع بالدعاء المأثور فمن وكل أمره لربه ليختار له فلن يختار له إلا ما فيه صلاحه.

اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه؛ لأن الله يعلم علما كاملا بخلاف علم العبد فهو علم قاصر.

أوصيك أن توثق صلتك بالله، وتجتهد في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح، فبالإيمان والعمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، وقضاء الحوائج، يقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً