الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني رجل ثم تم فسخ الخطبة وصرت لا أرغب في أي خاطب

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة قد خطبت عام 2015م، وتم فسخ خطبتي بعدها بعام، بناءً على رغبة الخاطب، ولا زال الموضوع يؤثر علي، فقد كان الخاطب زميلاً لي في الكلية لمدة خمسة أعوام، مما جعل موضوع تخطي مرحلة الانفصال صعبة الاستيعاب علي، خصوصاً بعد أن أنهى هذه العلاقة بطريقة سيئة جداً، بمحادثة والدي هاتفياً لينهي معه العلاقة بي.

كما أرسل له رسالة تعيبني جداً، و لم يعتذر أحد أبداً، وكان جميع أهله يتشكرون في بما فيهم هو، مما سبب لي صدمة، أحاول أن أتخطاها، فهي ثلاثة أعوام، وأشعر بنفس شعوري ذلك اليوم، فها هو قد تزوج.

أما أنا فحاولت التعايش والبحث عن عمل حتى أنساه، ومع القدر التقيت بزميل له ولي كان معنا في نفس الكلية، يعمل هذا الشاب في الشركة المجاورة لشركتي، فعندما نتقابل صدفة نلقي السلام دون زيادة في الكلام، ولا أفتح مجالاً لفتح مواضيع لأحفظ المسافة الشرعية.

أصبح هذا الفتى يبعث لي برسائل عبر أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، ولكني لم أجبه، ولن أجيبه، لما أرى في ذلك من معصية لله، ولا داعي لأن أخاطب رجلاً أجنبياً دون داع.

حاولت صديقتي التي تعرف هذا الشاب بالتحدث معي، وأخبرتني أنه يريد أن يتقدم لوالدي، أخبرتها أني قد أغلقت باب الزواج، ولا أريد الزواج أبداً، وبالرغم من أني متأكدة أنها أوصلت له هذه الإجابة إلا أنه لا يزال يحدثني عبر هذا التطبيق ولا أرد عليه، وإذا تقابلنا صدفة بسلام على قدر السلام، دون أن أخوض في حديث أو تعنيف لأن يوقف هذا التصرف.

هذا الموضوع يسبب لي ارتباكاً كبيراً، وشعوراً بالخوف الشديد لأسباب وهي:
أولاً: لأنه صديق خطيبي السابق.

ثانياً: لأني أخشي أن أعيش تجربة أخرى أصدم بسببها في حين أني لم أتجاوز الأولى.

ثالثاً: لا أعرف كيف أتصرف معه؟! هل أعنفه على هذا التصرف أم أتركه يفعل ما يشاء دون رد عليه، لا أستطيع التفكير بأنه قد يكون زوجاً لي، خائفة جداً من أن لا يكون على الخلق الذي يرضي الله، لمعرفته ببنات أخريات، وأنا لست من هذا النوع التي تتحدث مع شباب، فأنا أريد أن أرضي الله، وأريد أن يراني الله في الوضع الذي يرضه.

أفتوني في أمري، عسى الله أن يهديني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الكريمة والفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونأمل أن تلتزمي بما تصلك من توجيهات، وكل من في الموقع في مقام الآباء والأمهات.

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، والطواعية لربنا رب العباد.

نقدر الألم الذي حصل لك، لكننا نرفض جداً أن تتوقفي عند الموقف الذي حصل، وندعوك للنظر للحياة بأمل وبثقة في الوهاب عز وجل.

أنت يا ابنتي لست أول من يحصل معها مثل هذا الموقف، وندعوك إلى استحضار معاني الإيمان بالقضاء والقدر، وأن ما يختاره ربنا لنا أفضل مما نحبه لأنفسنا، (وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)، وتأملي كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله، (كنا نرى سعادتنا في مواقع الأقدار)، وكلام جده الفاروق عمر رضي الله عنه (لو كشف الحجاب ما تمنى أهل البلاء إلا ما قدر عليهم).

ابنتي الفاضلة، لا خير في من لا وفاء له، ولا خير في من لا يحسن الاعتذار ويحسن التصرف، ولا خير في ود امرئ متقلب، ولا خير في ود يجيء تكلفاً.

أرجو أن تعلمي أن أفضل علاج لتجاوز ما حصل يكون بحسن استقبال من يطرق الأبواب، وليس من الصواب معاقبة نفسك بحرمانها من الزواج، والعاقلة مثلك تستفيد من تجاربها، وتتشاور مع محارمها، فالرجال أعرف بالرجال.

ما يحصل من الشاب المذكور يدل على أنه مصر على الارتباط، وقد أحسن بإعلان رغبته في المجيء إلى داركم، ومقابلة محارمك، ونتمنى أن تتاح الفرصة له ولغيره، ممن يحرصون على طرق الأبواب، وعليك بعد ذلك أن تستخيري وتستشيري، وعلى محارمك أن يسألوا عن المتقدم ويتعرفوا على أسرته وأحواله.

إذا حصل الوفاق والاتفاق، ووجدت في نفسك الميل والارتياح والانشراح، فأكملي المشوار، ولا تضيعي الوقت، فالزواج هو الفطرة، وللنساء خلق الله الرجال، وللرجال خلق الله النساء.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأشغلي نفسك بالطاعات، وبالأمور النافعة، قبل أن يشغلك الشيطان بما يجلب لك الكآبة، ويعطل قدراتك ويشوش على عباداتك.

نسأل الله أن يجعلنا جميعاً ممن إذا أعطى شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وننتظر البشارة بالتغير في أفكارك، وبالصفحات الجديدة في حياتك، يسر الله لك الخير، ووفقك وسدد خطانا وخطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً