الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوسي حولت حياتي إلى دمار وتعاسة.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

عندي مشكلة أني لم أستطع أن ألتزم، وكل تفكيري أن التقرب إلى الله بعيد، ويصبح كل شيء حولي دمار وتعاسة، تعبت ودخلت في الاكتئاب، وفي صوت داخل رأسي له فترة معينة يجعلني أتراجع، وهو عبارة عن كلام بذيء -أستغفر الله- ولا أستطيع إيقافه؟

وبر أمي شيء صعب جدا.

الرجاء ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:
- بداية احمدي الله على التوفيق إلى العمل الصالح، وعليك بالاستمرار مهما كانت الظروف والأحوال، وتفاءلي بالخير، فالعمل الصالح سيكون لك سببا في السعادة.

- أما مسألة الشعور بالاكتئاب فهذا مرض نفسي يحتاج إلى مشورة طبيب متخصص، ولا بأس بقراءة الرقية الشرعية، فلها دورها الفاعل في الخلاص منه بإذن الله.

- الصوت الذي تجدينه لعله وسواس، وهو من كيد الشيطان، وكونك لا تحبين الحديث عما يدور في رأسك، بل أنك تستغفرين الله، فهذا يدل على أنه لا يضرك، وليس عليك إثم، ولكن عليك السعي للخلاص من الوسواس، وللخلاص منه طريقان:

طريق عام: وطريق خاص:
1- أما الطريق العام فيكون: بكثرة الذكر والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة، قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".

* ومن طرق الخلاص طلب العلم الشرعي.
قال ابن الجوزي: " اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، فهو يدخل منه على الجهال بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مُسارقة، وقد لبَّس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة علمهم؛ لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم" فطالب العلم يعرف الأحكام المتعلقة بالشرع، وما يصح منها وما لا يصح، ويعرف الوسواس وطرق الخلاص منه.

*ومن علاج الوسوسة: الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصِدق وإخلاص، كي يُذهِب عنك هذا المرض.

2- أما العلاج الخاص للوسوسة: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته". رواه البخاري.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد: ورسله ". رواه مسلم.

ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:
* قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.

* ثم قل آمنت بالله ورسوله، أو قل آمنت بالله ورسله.

* اترك التفكير أو الاستطراد في الوسواس فلا تلتفت لما جاء فيه مطلقا، مهما كان الأمر، ولا تفكر فيه أبدا، ولا تذكر ما تجد لأحد.

قال ابن حجر الهيثمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها"، وراجع رقم الاستشارة رقم: (2319982).

- مسألة البر بالوالدة حفظها الله، لا أدري لماذا يصعب عليك ذلك، ولكن في الجملة عليك أن تقرئي كثيرا في فضل بر الوالدين، وكذلك عليك أن تعرفي حقهم عليك، ثم اسألي الله أن يعينك على برها، واحذري من العقوق؛ لأنها كبيرة من كبائر الإثم، وقد تحرمين الخير والتوفيق بسبب العقوق لها.

كان الله في عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً