الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حديث النساء دمر حياتنا وأدخل الشك في عقل زوجتي

السؤال

السلام عليكم.

متزوج منذ خمس سنوات، وكنا أنا وزوجتي نعيش في سعادة حتى قبل عامين حين بدأت تعتقد أنني أنظر إلى النساء بسبب أن إحدى صديقاتها أخبرتها بأن جميع الرجال هكذا، وبدأ الشك يزداد لديها بدون سبب، ثم تطور الأمر إلى أنها بدأت تشعر بالدونية، والاكتئاب، والقلق والخوف، والوساوس، وأنها ليست جميلة، وأنني أخجل إذا عرف الناس أنها زوجتي؛ لأنني أراها غير جميلة برغم أن الله رزقها جمال الخلقة.

عندما أحاول أن أفهمها لأجعلها تقلع عن تفكيرها تقول أنت تفعل ذلك لكي تعالج أخطاءك، حتى أوشكنا أكثر من مرة على الطلاق؛ لأني لم أعد أتحمل أكثر من ذلك، وأقاوم نفسي لأنني أعلم أن الله يبغض الطلاق، وحتى لا ينتصر علي الشيطان، ولكني لم أعد أتحمل، ولا أدري ماذا أفعل، فهل يفيد الزولفت في هذه الحالة؟ علما بأن لدينا طفلة رضيعة عمرها ثلاثة شهور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك أخي على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر زوجتك التي أسأل الله لها العافية، أخي طبعاً الوضع الطبيعي أن تعرضها على طبيب نفسي هذا هو الأمثل، حاول أن تقنعها بذلك ربما يكون لديها بعض الشكوك الظنانية أو شيء من الغيرة وهذا كثيراً ما يتحول عند النساء إلى نوعاً من الاكتئاب النفسي، الشكوك الظنانية تستصحب أحياناً بالاكتئاب، وقطعاً لديها مشاعر اكتئابية، ومشاعر عدم الخوف وافتقاد الطمأنينة والوسوسه كما تفضلت.

الزوالفت يفيدها كثيراً، وربما تحتاج لجرعة صغيرة أيضاً من عقار رزبيريادون 1 مليجرام جراماً ليلاً مثلا، لكن أنا أفضل أن تقابل الطبيب، لأنها في فترة النفاس والطفل عمره ثلاثة أشهر، وفي هذه المرحلة من حياة النساء هنالك هشاشة وضعف نفسي، الاكتئاب التوتر القلق الشكوك الظنانية هذا كله قد يأتي في هذه المرحلة، ومساندتك لها مطلوبة، لا تتضايق أبداً من ذلك، وكن مساندا لها، وأرجو أن تجد لها العذر، فسلطان المرض في بعض الأحيان يكون أقوى، مما يجعل الإنسان يتصرف تصرفات قد تضر بالزواج، فأرجو أن تكون مسانداً لها، أن تكون موجهاً لها بصورة لطيفة، وحاول دائماً أن تبعث لها رسائل الطمأنينة، وكما ذكرت لك الدواء سوف يفيدها، لكن يا حبذا لو تمت مقابلة طبيب نفسي.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.
---------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم.....استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د/ عقيل المقطري ........ مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.

مرحبا بك أخي الكريم وردا على استشارتك أقول: يبدو أن زوجتك قد دخلت في حالة نفسية بعد كلام تلك المرأة، وما عليك إلا أن تتعامل مع زوجتك بطريقة أكثر لطفا، وأن تعذرها على تلك التصرفات فهي تصرفات لا إرادية، فزوجتك تحبك كثيرا ولولا ذلك لما وصلت إلى هذه المرحلة، وعليك أن تثبت لها حبك من خلال عدة أمور ومنها ما يأتي:

- قدم لها الهدايا الرمزية ما بين الحين والآخر فللهدية عملها في القلب كما قال عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا).
- أكثر من التغزل بها، ووصف جمالها وجسدها، فالمرأة عاطفية بطبيعتها تطرب فرحا إن تغزل بها زوجها، وتتأثر بالكلام العاطفي تأثرا كبيرا.
- لا تكثر الابتعاد عن البيت فبقاؤك معها يقلل من الوساوس والخواطر التي يوسوس بها الشيطان إليها.
- غير لها أجواء البيت فأخرجها للتنزه وخاصة في الأماكن التي لا يتواجد فيها النساء، أو في الأماكن التي يمكنك أن تختلي فيها بزوجتك.
- لو أمكن التواصل مع تلك المرأة التي تكلمت مع زوجتك عن طريق زوجها أو محرمها وبطريقة مهذبة تبين ما أصاب زوجتك من الحالة النفسية بسبب كلامها وإقناعها بأن تزور زوجتك أكثر من مرة ومن خلال محاورتها لزوجتك توصل لها أنه تبين لها أنك شخص محترم ولست كبقية الرجال وأنك فمن زرع الشك سيكون سببا في إزاحته، وهذا نوع من العلاج خاصة وأن زوجتك فيما يبدو تحترم وتقدر هذه المرأة وتأخذ بوصاياها ونصائحها ولولا ذلك لما تأثرت بكلامها.

- عليك أن تنظر فيمن تقدرهن زوجتك من صديقاتها وتأخذ بنصائحهن، وعليك أن تتعرف على أولئك الرجال إن لم تكن تعرفهم من قبل وتبين لهم ما حصل لزوجتك وتطلب منهم أن يكلفوا تلك النسوة من أجل أن يقمن بزيارة زوجتك، ومن خلال الحوار يدخلن في الكلام على نفس الموضوع فيقمن يمدحك عندها، وأن محارمهن يمدحونك ويقولون إنه رجل محترم، وأنه يثني على زوجته ويحبها، وأنه لا يعبأ بمن حوله من النساء، ويشكر الله أن رزقه بزوجة جميلة تملأ عينيه وما شابه هذا الكلام فتوارد الكلام من هنا وهناك سيخرج ما علق في ذهنها، ولعله يكون سببا في خروجها من تلك الدوامة.

- فاجئ زوجتك بدعوتها لتناول وجبة العشاء في أحد المطاعم، فذلك فيه تغيير لجو البيت المعتاد وإشعار لها بالود والمحبة والتقدير.
إذا كان الشيطان قد استغل وسوسة تلك المرأة وأدخل زوجتك في دوامة فلا تسمح له أنت أن يأتيك من باب آخر فيضجرك من زوجتك ويدفع بك نحو الطلاق، فما فرح الشيطان بشيء من فرحه بطلاق الرجل زوجته.

عليك بالصبر فعاقبته حسنة، واحتسب الأجر عند الله سبحانه، وكن على يقين أن هذا ابتلاء وامتحان من الله، وعليك أن تخرج منه بنجاح، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).

قد يصاب الإنسان بالبلاء والابتلاء بسبب ذنب ارتكبه ولم يحسن التوبة منه، وفي هذه الحال لا بد من محاسبة النفس، فإن وجدت شيئا فبادر بالتوبة، وإن لم تتذكر فلعل ذنبا وقعت فيه من قبل ولم تتذكره فعليك بالاستغفار العام، يقول تعالى مبينا أن الابتلاء يكون بسبب ما كسبت أيدينا: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة وسل ربك بإلحاح أن يشفي زوجتك، وأن يذهب عنها وساوس الشيطان وخواطره، ووثق صلتك بالله تعالى، واجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فالحياة الطيبة السعيدة لا توهب إلا لمن اتصف بالإيمان والعمل الصالح.

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً