الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محاولة تطوير الذات أدت لمشكلة التغرب عن الذات، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا في الأصل شخصية اجتماعية ومحبة للحياة، لكن بعد نصيحة أحد الأشخاص لي بأن أطور من نفسي عن طريق أني أفكر قبل أن أتكلم، وهذا مفيد لي، فأردت أن أطبق ما قال لي حرفيا، وقررت أن أطور من ذاتي، وبحثت في الانترنت عن هذا الأمر، فوجدته موجودا بكثرة، فأصبحت لا أقول أي كلمة قبل أن أفكر فيها صغيرة كانت أو كبيرة، ورأيت على الانترنت من المهم أثناء المحادثات النظر لمن يحدثك، فظللت أيضا أنزل من البيت كل همي كيف سأطبق هذا الموضوع، فأتكلم مع الناس وعيني عليهم لمدة كبيرة، وظللت على هذا الحال فترة.

قد تكون مشكلتي تافهة بعض الشيء، ولكن نتائجها صعبة، فأنا الآن لا أستطيع أن أفكر مطلقا، عندما أفكر في شيء أتكلم داخلي كأنني أتحدث مع شخص كما كنت أفعل في المحادثات أفكر في الكلام، فأنا الآن أظل أتكلم بداخلي عندما أفكر، لا أستطيع التفكير أو التأمل، وأيضا لا أشعر بأي شيء في الحياة، لا أشعر بفرق بين البيت والشارع والمسجد والنادي، كل مكان أدخله لا أشعر بأي تغيير، ولا أشعر بمن حولي أصلا، وأشعر أني فاقد كل مشاعر الفرح والحزن والخوف، حتى أهلي لا أشعر بهم، وذكرياتي منها المحزن، ومنها المفرح، أصبحت لا تمثل أي شيء.

ما كان يؤلمني سابقا الآن لا أشعر به تماما، حتى اتخاذ القرارات لا أستطيع أن أفكر ماذا أفعل فأنا أتكلم بداخلي هل أقوم أم أجلس وأدير حوارا طويلا بداخلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.
أخي: أنت بحثت عن تطور ذاتك عن طريق التطبيقات التي تحدثت عنها، لكن الأمر تحول إلى نمط وسواسي في التفكير، وربما في التطبيق وهذا أضر بك، أنت شخص اجتماعي ومحب للحياة، ومن الواضح أنك صاحب فكر وكذلك لديك تطلعات، لكن يظهر أن شخصيتك أصلاً تحمل بعض جوانب القلق الوسواسي، وهذا ليس مرضاً إنما هي ظاهرة.

ما تعاني منه الآن هو نوع من الجمود الوجداني الذي أتاك نتيجة للتطبيقات الوسواسية التي قمت بها بناء على تعليمات من نصحك لتطوير ذاتك والتطبيقات الحرفية قطعاً تؤدي إلى النمط الوسواسي.

فيا أخي الكريم: تجاهل كل ما قيل لك، هذا أمر أنا أؤكده لك، والتواصل الاجتماعي الحسن يتطلب أموراً بسيطة، أن يراعي الإنسان تعبيرات وجهه، يبتسم حين يكون الابتسام مطلوباً، وأدرك أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، أن لا تكون مكفهر الوجه حين تكون تخاطب الناس، أن تنظر إليهم بلمحات في وجوههم وليس بطريقة تمحيصية هذا ليس صحيحا، واجعل نبرة صوتك نبرة متوازنة، واجعل أيضاً لغة جسدك لغة مناسبة، هذا هو المطلوب، وليس أكثر من ذلك -أيها الفاضل الكريم-.

وعليك أن تحسن التواصل الاجتماعي بالرغم من أنك ذكرت أنك شخصية اجتماعية، لكن أحرص على الواجبات الاجتماعية؛ لأنها من أفضل الطرق التي تنمي الإنسان اجتماعياً، لا تتخلف أبداً في الأفراح، في الأعراس، تقديم واجبات العزاء، المشي في الجنائز، زيارة المرضى، مشاركة أصدقاءك في أنشطتهم، الحرص على الصلاة مع الجماعة، ممارسة رياضة جماعية، الانضمام لأي أنشطة اجتماعية أو ثقافية أو تربوية أو تطوعية على نطاق المجتمع عامة أو في محيطك الدراسي هذه الطرق الأمثل والأفضل.

حالة الجمود الوجداني التي أتتك هي نتيجة للوسوسة للتطبيق الوسواسي، وسوف تزول، طبق ما ذكرته لك من إرشاد وإن شاء الله تعالى هذا سوف يفيدك كثيراً، وأنا أنصحك أيضاً بتناول أحد الأدوية البسيطة جداً التي تعالج الوسوسة وتحسن المزاج، الدواء يسمى فافرين واسمه العلمي فلوفكسمين في معظم الدول لا يحتاج لوصفه طبية، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بـ 50 مليجراما ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها 100 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 50 مليجراما لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، هو دواء مثالي جداً وممتاز والجرعة التي وصفناها لك صغيرة وبإذن الله تعالى يساعدك كثيراً، وإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي في مصر أيضاً هذا جيد، يمكن أن يؤكد لك على نفس الإرشادات التي ذكرتها لك أو يزيد، وينصحك بتناول هذا الدواء وهو دواء مناسب.

أيها الفاضل الكريم: اجتهد في دراستك حتى تكون من المتميزين والمتفوقين، وعليك أن تعتمد على حسن إدارة الوقت في هذا السياق، حسن إدارة الوقت تجعل الإنسان يقوم بكل شيء وهي من أبواب النجاح العظيمة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً