الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب والغيرة، فهل لهما ارتباط ببعض؟

السؤال

السلام عليكم.

أمي مطلقة مذ كان عمري ثلاث سنوات تقريبا، وذلك ليس لمشكلة وعيب في أمي أو أبي، ولكن لاستحالة التعايش بين شخصية والدتي وشخصية أبي وأسرته.

أمي هي من ربتني جزاها الله عني خيرا، في طفولتي كنت دائم الخلافات مع زملائي في الفصل، ودائما ما كنت أتنقل بين مكاتب الفصل المختلفة لخلافاتي مع زملائي.

وكنت أجلس في مكتب لحالي داخل الفصل، ولا أجيد تكوين الصداقات، واستمر الحال إلى أن وصلت للمرحلة الجامعية بدأت نوعا ما تكوين بعض الصداقات المحدودة، فقد كنت أعاني من الخجل بشدة، وأعراضه من احمرار الوجه وعرق اليدين.

ذهبت لطبيب نفسي بعد انتهاء الجامعة، وشخص حالتي بأنها رهاب اجتماعي، وأخذت علاج مودابكس لمدة عامين تقريبا، وتحسنت الحالة نوعا ما، ثم بعد فترة سافرت للعمل، وأخذت علاج زيروكسات لفترة وتحسنت الحالة نوعا ما أيضا.

أنا الآن في الثلاثينات من عمري، ومتزوج والحمد لله، وأعمل بوظيفة جيدة، ولي مكانة جيدة داخل العمل، ولدي درجة ماجستير، وأظن أني محبوب بين الناس سواء العائلة أو الزملاء في العمل، ولكن ما زال لدي بعض من الرهاب الاجتماعي مثل: أني أخاف دخول مقر العمل من الباب الرئيسي لكثرة وجود الزملاء على الجانبين، وأدخل من باب جانبي، ما زلت لا أتفاعل في بعض الاجتماعات، وبعضها أتفاعل فيه، وعندما ألقي السلام على أحد ولم يلحظ هو ذلك أشعر بخجل وإحراج شديد.

كما أن لدي مشكلة أخرى لا أعلم هل هي من توابع الرهاب الاجتماعي أم لا؟ وهي أني أغار عندما أرى أي زميل لي له علاقات وصداقات بالزملاء، وأشعر بغيرة شديدة جدا عندما أرى أي زميل لديه صداقات مع الزميلات في العمل سواء كانت هذه الصداقات عادية أو محرمة.

وللعلم أني كنت في فترة الجامعة أخجل جدا من التعامل مع أي بنت حتى في إطار التعامل العادي جدا، وما زلت، وهذه الغيرة تسبب لدي حزنا ومشاعر سيئة جدا.

أنا لا أرغب في تكوين علاقات محرمة مع النساء، أتتني فرص لذلك، وامتنعت عنها إرضاء لله، ومشاعر الغيرة هذه أحيانا تفقدني الثقة بنفسي، وتسبب لي حزنا كبيرا يعكر صفو حياتي، وهذه المشاعر مستمرة معي يوميا، حيث أني أرى ذلك يوميا في محل عملي، ولذلك أرجو منكم التوجيه، هل آخذ علاجا معينا مثل العلاجات السابقة أم ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الحمد لله أنك رجل ناجح وجيد في عملك، وتظهر عليك سمات الهدوء في شخصيتك والتوازن.

ما بك من رهبة - أيها الفاضل الكريم - هي درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي يتطلب تصحيح المفاهيم، الذين لديهم هذه المشكلة دائمًا يسيئون تقدير ذواتهم، كما أنهم يتحسّسون أعراض الرهبة، خاصة الأعراض الجسدية بصورة مبالغة فيها، وأنا أؤكد لك ألَّا أحد يراقبك، لا أحد يرصد خوفك ورهابك، هو شعورٌ خاصٌ بك أنت، هذه هي النقطة الأساسية الأولى.

النقطة الثانية: أخطر ما يمكن أن يحدث ويُعقّد الرهاب الاجتماعي هو التجنُّب، والاستجابة لنداء الخوف واتباعه. خوفك عند الدخول من الباب الرئيسي يجب ألَّا يجعلك أن تتجنب الدخول من الباب الرئيسي أبدًا، حقّر الفكرة واقتحم الفكرة، بأن تُلبِّي ما هو عكس ومضاد لرغبتك أو ما يجُرَّك إليه المخاوف.

الخوف إذا تمَّتْ مكافأته من خلال التجنب والاستجابة للتجنب ولما يُلِحَّ عليك به هذه مشكلة، أمَّا الذي يقوم بالضد وما هو مخالف وتجنب التجنب فسوف يضعف الخوف تلقائيًا.

فيا أخي الكريم: اقتحم، ادخل من الباب الرئيسي، وأكثر من الدخول منه، وحقّر فكرة الخوف، بهذه الكيفية - أخي الكريم - تستطيع أن تُعيد برمجة طريقة تفكيرك حول المخاوف وكيفية تحقيرها.

نحن وجدنا أن بعض التطبيقات العملية - والتي هي أصلاً متوفرة في مجتمعنا - هي من الوسائل الممتازة لعلاج الخوف، أول هذه الوسائل والتطبيقات العملية هو: الصلاة مع الجماعة في المسجد، صلاة الجماعة بجانب احتساب الأجر العظيم تعطيك شعورًا بالأمان والاطمئنان، والإنسان حين يكون في بيتٍ من بيوت الله يكون في مكان الطمأنينة والسكينة والرحمة، حيث وجود الصالحين يؤدون الصلاة ويذكرون الله تعالى ويقرؤون القرآن، وبالتالي وجود الملائكة تحف وتغشى المؤمنين الذاكرين الله تعالى، ويذكرهم الله فيمن عنده، والمساجد أطهر بقاع الأرض، وبجانب ذلك تتعرَّف على الصالحين من الناس.

فيا أخي الكريم: احرص على هذا كعلاج لمشكلتك، ومارس أيضًا رياضة مع مجموعة من الشباب، الرياضة الجماعية ممتازة، تلبية الواجبات الاجتماعية أيًّا كانت، لا تتخلَّف عن أي واجب اجتماعي، بل ابنِ نسيجًا اجتماعيًّا متسعًا وجيدًا وفعّالاً.

الاهتمام بشؤون الأسرة، وأن تكون دائمًا ساعيًا في تطويرها، هذا أيضًا يعطيك ثقة كبيرة جدًّا في نفسك.

ما وصفته من غيرة نعم هو لا يخلو من شيء من ذلك، لكن أعتقد أن مقارناتك لأداء الآخرين من زملائك وكيف أنهم ليس لديهم أي عثرات وينطلقون اجتماعيًّا بأريحية وسهولة شديدة، وأنت تحس بالعوائق النفسية حول التفاعل الاجتماعي: أعتقد أن هذا الشعور نشأ من هذا الموقف، فتجاهل الأمر وكن إيجابيًا.

أنا أفضّل حقيقة أن تتناول أحد مضادات المخاوف، الزيروكسات دواء ممتاز، والزولفت دواء ممتاز، وكلاهما سليم، وتحتاج للدواء لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً