الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس القهري والشكوك، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم.

أولاً: أحب أن أشكر القائمين على هذا البرنامج الذي أفاد الكثير من الناس، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 23سنة، أصبت قبل 5 سنوات بما يسمى بالوسواس القهري، وأصبحت أوسوس وأشك بكل حاجة في هذهِ الدنيا.

ذهبت لطبيب ببداية مرضي بهذا الوسواس، وشخص حالتي بأنها وسواس قهري، وصرف لي دواء فاقرين 50 مل واستخدمته لفترة طويلة وشعرت ببعض التحسن، ولكن لم يذهب الوسواس، وقبل سنة أتاني وسواس الأمراض النفسية والعقلية؛ لأني رأيت بعض الأشخاص المصابين بهذهِ الأمراض، ورأيت تصرفاتهم وأصبت بالذعر والهلع، وخفت بأني مريض بما يسمى مرض الفصام، وذهبت إلى طبيب وشخص حالتي أيضاً بأنها وسواس قهري، وصرف لي دواء زولفت أي (سيترالين) واستخدمته لمدة شهرين إلى 3 شهور، ولكن لم يأت بأي نتيجة تذكر، بل أصبحت أسوأ مما كنت عليه في السابق.

فقدت الثقة بالعلاج النفسي وأحبطت جداً، ولكن قبل 4 أيام أخذني والدي -حفظه الله- إلى راق شرعي معروف بمدينتنا، وذهبت إلى هذا الراقي وقرأ علي وتأثرت جداً من قراءته، وقال لي: يا بني أنت تعاني من مس أذية، والعياذ بالله، وتعاني أيضاً من علامات حسد، وهذا الذي سبب لك هذا الوسواس، وأعطاني بعض العلاجات ما بين سدر وماء مقروء عليه ومحو ... الخ.

بعد هذهِ العلاجات تأثرت جداً، وأصبحت مجهداً تماماً، وأصابني خمول وكسل، وكثرت علي الوساوس والخوف، لكن ما يعتريني الآن هو بأني مريض نفسي وأني ليس بي أي مس أو حسد.

بدأت أقرأ بالأعراض أو الأفكار التي تأتي للمرضى النفسيين -عافاهم الله- بأنهم يشعرون بأن أحداً يراقبهم ويراقب أفكارهم، وبأن المخابرات تراقبهم، أصبت بالذعر والهلع، وأصبحت هذه الأفكار تأتيني، وأنا كل يوم بل كل دقيقة اُكذب هذهِ الأفكار، وأقول لنفسي: لا أحد يراقبني.. إلخ.

عند ما اُكذب هذه الأفكار وأقول بأنها سخيفة أتعب وأنهار نفسياً، وهذا ما يقلقني بأني رجل غير مستبصر، وتأتيني أفكار بأن لا أذهب إلى الراقي مرة أخرى، وأني أذهب إلى الطبيب النفسي كي لا تتفاقم حالتي وأصبح مريضاً عقلياً.

أرجو أن تجيبوا علي بأسرع وقت، وأن تطمئنوا قلبي، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عماد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأنت -أخي الكريم- فيما مضى لديك استشارة والتي رقمها (2387442)، كانت لك شكوى واضحة جداً، وأفدناك أنك تعاني من القلق المخاوف الوسواسية، ونصحناك بالكثير من التعليمات والإرشادات، وذكرت لك أن تستعمل عقار (زوالفت ورزبيريادون) لا أعرف أي مدى قد قمت بالأخذ بهذه النصيحة.

عموماً رسالتك الآن واضحة جداً، وثقتك في الشبكة الإسلامية أيضاً واضحة جداً، وأشكرك على ذلك، ونؤكد لك بالفعل أن الذي تعاني منه هو وسواس قهري صريح.

بحمد الله هي وساوس فكرية، أكثر مما هي وساوس أفعال، أو طقوس، أو نمطية، هذا الأمر مهم؛ لأن وساوس الأفكار سهل من ناحية العلاج، وذلك قطعاً نسبياً أي حين نقارنها مع النوعيات الأخرى من الوساوس.

المبدأ الصحيح هو الإغلاق على الوسواس من خلال تجاهله وتحقيره وعدم الخوض فيه، وهذا الإغلاق أو التجاهل والتحقير يجب أن يبدأ مع بدايات الخاطرة الوسواسية، وأن لا نتركها أن تتحول إلى فكرة لأنها إذا تحولت إلى فكرة سوف تكون أكثر استحواذاً، وتنتقل للمرحلة الثالثة وهي الصورة الذهنية، وهنا يكون الوسواس قد أطبق تماماً.

هذا لا أريده لك أيها الفاضل الكريم، إذا أتتك فكرة وسواسية في بداياتها قل للفكرة أنت وسواس حقير، أنا لن أهتم بك، أنا أتجاهلك، أنا أحقرك وغير مكانك أو قم بإدخال أي شيء على نفسك، فكرة جديدة، أكثر من الاستغفار، اتفل ثلاثاً على شقك الأيسر، خذ نفساً عميقاً.

أخي الكريم، هذه كلها حيل علاجية سلوكية تغلق على الوساوس، لكن الذي يدخل في تشريحها والتفكير فيها وتأويلها هذا قطعاً سيستحوذ عليه الوسواس.

الوسواس مرض ذكي جداً يسيطر على الإنسان حين يتجاوب الإنسان معه، لا تتجاوب معه، وأنا أتفق معك وساوس الخوف من المرض العقلي أو النفسي أو الذهاني وساوس سخيفة جداً، فهذه هي الطرق السلوكية التي تعالج بها هذه الوساوس، وفي الحياة عامة أحسن إدارة وقتك، تجنب الفراغ أياً كان نوعه فراغاً ذهنياً، فكرياً، زمنياً كن إنساناً متفاعلاً متواصلاً اجتماعياً، تحرص على عباداتك، باراً بوالديك، لديك أهداف بينه وواضحة في الحياة حول المستقبل، هذا سيأخذ حيزاً كبيراً جداً من الحيز الذي تشغله الوساوس، وهذه طريقة علاج، والرياضة، التمارين الاسترخائية هذا كله نذكره ودائماً نذكره لأنه هو العلاج الأصيل لهذه الحالات.

أما الدواء فهو ممتاز، وهو مطلوب أيضاً، لأن التغيرات الكيميائية الدماغية التي تخص مادة السيرتونن والمواد الأخرى أثبتت تماماً على مستوى الدماغ في حالات الوسواس القهرية هذا أمر لا جدال فيه، عملية العين والمس وغيرها والشيطان نعترف بها تماماً ونؤمن بها تماماً، لكن قد لا تنطبق على جميع الحالات، وأظن هذه الحالات حالات طبية، أيها الفاضل الكريم عقار فافرين هو الأنسب بالنسبة لك، استجابتك كانت معقولة لجرعة 50 مليجراما وهذه ليست الجرعة المطلوبة في الوساوس.

سقف الجرعة يجب أن يكون مرتفعاً، وتناول الفافرين حتى 300 مليجراما في اليوم بانتظام وانضباط وتضيف له 1 مليجرام من الرزبيريادون، لا بد أن تكون ملتزماً ومتيقنا بأهمية العلاج الدوائي، اذهب وقابل الطبيب النفسي، والفافرين سيناسبك تماماً وبالفعل هو من أفضل أنواع الأدوية، لا تعش مع هذه الوساوس قبيحة جداً لا تقبلها.

هذه نصيحتي لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً