الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الضغوط النفسية جعلتني شديد العصبية، فهل سيساعدني الدواء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني منذ فترة من ضغوط نفسية شديدة، مما جعلني شديد العصبية والغضب لأتفه الأسباب، حتى أنني قد أشتم وأسب بكلام لم أقله قبل ذلك في حياتي أبدا، ولكن الأمر تطور إلى شعوري بملل شديد، وليس لدي رغبة لفعل أي شيء، وأريد أن أكون في معزل عن الناس كلهم، ثم صار لي هاجس يتردد في رأسي (كلمة الانتحار) مما سبب لي صداعا شديدا.

كما أن هناك وسواس بالطهارة والصلاة، فذهبت لطبيب، فوصف لي فافرين ١٠٠مجم نصف قرص لمدة خمسة أيام، ثم قرصا واحد لخمسة أيام أخرى، ثم نصف قرص صباحا وقرصا في المساء، وبريانيل مرتين، اولابكس ١٠مجم نصف قرص مساء.

أنا خائف من أخذ العلاج بسبب أعراضه من نوم، وقلة تركيز، ودوخة، خاصة أنني أعمل من الساعة 9 صباحا إلى 4 عصرا، ثم من 6 مساء إلى 12 مساء، وأنام بعد الساعة الواحدة، ثم أستيقظ قبل الثامنة صباحا للذهاب للعمل، فماذا أفعل؟ هل ألتزم بالدواء، أم هناك دواء أفضل، أم أحاول أن أتمالك نفسي وأقاوم دون علاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

طبق ما ورد في السنة النبوية المطهرة في كيفية إدارة الغضب والتعامل معه، ويمكنك أن تقرأ كتاب (الأذكار) للإمام النووي حول هذا الموضوع، وتستوعبه بصورة جيدة.

أول شيء - أخي الكريم - اعرف أن الغضب أمرٌ سخيف، وأن الغضب يُمثِّلُ نارًا يجب أن تُطفئ، وأن الغضب يؤدي إلى الندم ويؤدي إلى بناء صورة سلبية حول ذواتنا أمام الآخرين، وأنه انفعال سلبي لا شك فيه. طبعًا الغضب موجود، والإنسان إذا غضب في الحق أو حين تُنتهك حرمات الله فهذا أمرٌ مشروع، لكن يجب أن نحرص في كيفية إدارته، ولا نمنعه.

أخي الكريم: كن مُعبِّرًا عن ذاتك ولا تحتقن، عبِّر عن ذاتك أول بأول، الكتمان وعدم التعبير عن الذات والسكوت على ما لا يُرضينا من أشياء بسيطة يؤدي إلى الاحتقان الذي يُسبِّب الغضب.

درِّب نفسك، في بدايات الغضب الأولى غيِّر مكانك، غيِّر موضعك، اتفل على شقك الأيسر ثلاثًا، وتوضأ. لو جربت هذه العلاجات والتدريبات حتى ولو لمرة واحدة سوف تجدها مفيدة جدًّا. هذا هو الجانب المهم في هذا الأمر.

ضع نفسك - أخي الكريم - في مكان شخص غضبت في وجهه، ما هو شعورك؟ ضع نفسك في مكان ذاك الشخص، والإنسان الأشياء التي لا يريدها لنفسه يجب ألَّا يقبلها للآخرين، أو يكون هو المسبب لها للآخرين وأمام الآخرين.

رياضة المشي مهمَّة جدًّا لامتصاص الغضب، والإكثار من الاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم - كما ذكرتُ لك - تُبعد الإنسان عن الغضب إن شاء الله تعالى.

الأفكار السلبية كأفكار الانتحار وغيره: هذه أفكار وسواسية ويجب أن تُحقَّر، ويتم تجاهلها تمامًا.

أخي: طوّر من مهاراتك الاجتماعية، هذا يُساعدك في إزالة العصبية وتجنب الغضب.

قم بالواجبات الاجتماعية، لا تتخلف أبدًا: تلبية الدعوات، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، أن تكون شخصًا مِقْدامًا، رجلاً ذو همَّة، ويدًا عُليا، لا يتخلف عن واجباته الاجتماعية. هذا يعطيك - أخي الكريم - شعورًا داخليًّا ممتازًا جدًّا.

الوساوس كلها تُحقَّر ولا تتبع، خاصة وساوس الطهارة والصلاة، وهنالك برامج فنّية كثيرة جدًّا تكلمنا عنها حول علاج هذا الأمر على وجه الخصوص.

العلاج الدوائي نعم مفيد، وهنالك عدة أدوية، الأدوية التي وصفها لك الطبيب أدوية ممتازة، أرجو أن تبدأ في تناولها بالتزام، وهي عامَّة لا تُسبِّبُ النوم، لكن الناس تختلف في تفاعلها مع الأدوية، وإن سبَّبتْ لك النوم أو النعاس ارجع إلى الطبيب ليستبدلها بدواء آخر، مثلاً عقار (سيرترالين) يمكن أن يكون بديلاً ممتازًا جدًّا، وتجاريًا هذا الدواء يُسمَّى (زولفت)، أو يمكن أن يعطيك عقار (بروزاك) أيضًا دواء رائع جدًّا، يُعالج كل ما تحدَّثتَ عنه، ويُحسِّن مزاجك، ويزيل العصبية والتوترات والوسوسة.

إذًا -الحمد لله تعالى- البدائل موجودة، وأرجو - يا أخي - أن تُطبِّق كل ما ذكرته لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأنصحك أخيرًا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم حيث كرر ثلاثًا فقال: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً