الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعالج من الوسواس القهري نهائيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت أعاني من الوسواس القهري قبل رمضان بفترة، وبالدعاء والبكاء تخلصت منه بفضل الله، ورجع في هذه الأيام العشر من ذي الحجة، لكنه رجع خفيفا، وأخاف أن يعود كالسابق، فهل يجب أن أطرد هذه الأفكار وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأقول آمنت بالله ورسوله، كما كنت أفعل سابقا، أم يجب علي أن أخضع لعلاج؟ أفيدوني.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maiessa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وأنت لم تذكري طبيعة الوسواس القهري الذي تعانين منه، لكن يظهر أنه ذو طابع ديني، لأن الوساوس الدينية تزداد عند الناس في مواسم الخيرات، ونحن الآن نعيش في العشرة من ذي الحجّة، وهي من أفضل الأيام عند الله تعالى.

عمومًا: أيًّا كان نوعية هذه الوساوس مبدأك في العلاج هو مبدأ صحيح، (الاستغفار، الاستعاذة بالله من الشيطان، وقول: آمنت بالله، آمنت بالله ورسوله)، هذه حقيقة أفكار طيبة فيما يتعلق بالعلاج، وطبعًا هذا يُدعم بمبدأ التجاهل، وأنا سوف أوضّح لك طُرقا علاجية أخرى مفيدة، وإن كانت ليست بعيدة ممَّا أنت تمارسينه الآن، لكنها أكثر دقة.

هنالك ثلاث طرق لمواجهة الأفكار الوسواسية:
الطريقة الأولى: أن تُحدّدي الفكرة ودون أن تخوضي فيها أو في تفاصيلها، أو تقومي بتحليلها، تقولي مع نفسك وكأنك تُخاطبين الفكرة: (قفي، قفي، قفي، أنتِ فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتمّ بك)، وتُكرري هذا التمرين عدة مرات، وهذا يُسمَّى (تمرين إيقاف الأفكار).

والطريقة الثانية – أو التمرين الثاني – هو ما نسمّيه بـ (تمرين صرف الانتباه)، وصرف الانتباه المقصود به: أن تأتي بفكرة أخرى تكون أكثر أهمية تطغي على الفكرة الوسواسية، وتشغل نفسك بها أكثر، مثلاً: يمكنك أن تتأمّلي في حركة التنفُّس لديك، استجلبي الفكرة الوسواسية وفجأة انتقلي لموضوع التنفُّس، وكيف أن الأكسجين يدخل في الرئتين، وكيف أنه ينتشر عن طريق الدم، وما هي فائدته، وما هي الطاقات التي يُزودنا بها، ثم تقومين مثلاً بعدِّ التنفُّس لمدة دقيقتين، وهكذا. هذا تمرين ممتاز، لكنّه يحتاج للتدبُّر والتأمُّل في التطبيق.

التمرين الثالث ما نسميه بتمرين (التنفير): أي أن تُنفّر نفسك من الفكرة الوسواسية، بأن تأتي بتفاعل آخر يكون مقزِّزًا ومُؤلمًا للنفس. استجلبي الفكرة ودون الخوض في تفاصيلها – كما نقول – وقومي في نفس اللحظة بالضرب على يدك على جسم صلب، مثلاً مثل سطح الطاولة، اجلسي أمام الطاولة وقومي بالضرب عليها، وفي كل مرة تستجلبي الفكرة الوسواسية، وتقومي بالضرب على يدك، ولا بد أن يقع الألم ويكون الألم مستصحبًا للفكرة الوسواسية، هذا التمرين أيضًا يُكرر عدة مرات، عشرين، ثلاثين مرة حتى تحسّين بالإجهاد. هذا التمرين تمرين ممتاز إذا طُبِّق بصورة صحيحة.

وهذا التمرين يمكن أن يُطبق أيضًا بصور أخرى، مثلاً: تفكّرين في الفكرة الوسواسية وفجأة تنتقلين إلى فكرة حول حدث كارثي، مثلاً كاحتراق طائرة، أو هذه الأيام هناك مستشفى احترق في العراق، تتأمّلين في هذا الأمر، وهكذا. الفكرة هو أن تأتي بفكرة تطغى على الفكرة الأولى، أو مثلاً تقومين بشمِّ رائحة كريهة وتستجلبين الفكرة الوسواسية.

هذه تمارين علاجية ممتازة جدًّا، وأيضًا طبّقي تمارين الاسترخاء (تمارين التنفُّس المتدرّج)، توجد برامج جيدة على اليوتيوب، أرجو أن تُطبقي هذه التمارين بدقة وإجادة.

أيضًا حُسن إدارة الوقت وتجنُّب الفراغ، النوم الليلي المبكّر، الاجتهاد في دراستك، كلها أشياء -إن شاء الله تعالى- تصرف منك هذه الوساوس، ولا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً