الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جزاء الزوجة المحسنة الإحسان لا النكران

السؤال

عندما يكون هنالك شخص ما قام بالزواج من امرأة وهو فقير وتلك المرأة تحملت مع ذلك الرجل كل مصاعب الحياة ومشاكلها وضحت بعمرها معه وعاونته في كل شيء وحتى إنها اضطرت أحياناً لبيع شيء من ذهبها وفعل المستحيل في سبيله وسبيل أولاده ومن ثم يقوم هذا الرجل بعد أن فتح الله عليه بالمال الذي هي من ساعدته بمشورتها والصبر على تحمل المسؤولية والقيام بكل الأعمال أثناء غيابه وكذلك دعمته ببعض المال من أعمال خاصة كالخياطة وغيرها وبعد هذا كله يقوم بالزواج من أخرى عليها، السؤال: هل للزوجة الأولى نصيب من مال الرجل بنسبة محددة في حين أنه طلقها، مع العلم في أنه كان لا يملك شيئاً عندما تزوجها؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فما أعطته الزوجة لزوجها من مال إن كانت أعطته على جهة القرض فلها المطالبة به، وإن كانت أعطته إياه على جهة الهبة والمساعدة فليس لها المطالبة به، ولكن ينبغي له رعاية الجميل الذي قدمته والمعروف الذي أسدته، وجبر خاطرها بما يقدر عليه الزوج عند طلاقها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما بذلته الزوجة من ثمن ذهبها وأجرة عملها في الخياطة وغيره، إن كانت قد أعطته الزوج على سبيل القرض أو الشراكة فإن لها حق في المطالبة به، وهو في ذمته يجب عليه أن يرده إليها، وإلا رده من حسناته يوم القيامة.

وأما ما أعطته من ذلك تبرعاً وهبة ولم تنو الرجوع عليه به فليس لها المطالبة به، وليس لها في ذمته شيء، هذا عن الجانب المادي من سؤالها، وأما عن الجانب المعنوي فإن من قيم الإسلام السامية مجازاة الإحسان بالإحسان، وعدم نكران الجميل، كما قال الله تعالى: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60}، فالزوجة التي بذلت زهرة عمرها، وأفنت ربيع شبابها خدمة لزوجها وساعدته بالجهد والمال، وصبرت وتحملت حين كان فقيراً عائلاً، ينبغي أن يحفظ لها هذا الجميل ويرعى لها هذا المعروف، وإن كان لا بد من الفراق فينبغي جبر خاطرها، وإذهاب وحشة الطلاق عنها، والإحسان إليها جزاء إحسانها القديم بتمتيعها بشيء من المال، وهذا المراد بقوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ {البقرة:241}، فهناك قول بوجوب المتعة لها ولكل مطلقة، قال ابن قدامة في المغني: وروي عن أحمد: لكل مطلقة متاع. وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، والحسن، وسعيد بن جبير، وأبي قلابة، والزهري، وقتادة، والضحاك، وأبي ثور، لظاهر قوله تعالى: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. ولقوله تعالى لنبيه عليه السلام: قل لأزواجك. إلى قوله فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً. وعلى هذه الرواية لكل مطلقة متاع سواء كانت مفوضة أو مسمى لها، مدخولاً بها أو غيرها، لما ذكرنا. وظاهر المذهب أن المتعة لا تجب إلا للمفوضة التي لم يدخل بها إذا طلقت. انتهى.

وليس هناك مال محدد تمتع به المطلقة، وإنما ذلك بحسب غنى الزوج وقدرته، كما قال الله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ {البقرة:236}، قال في التفسير الميسر: ومتعوهن بشيء ينتفعن به جبراً لهن، ودفعاً لوحشة الطلاق، وإزالة للأحقاد، وهذه المتعة تجب بحسب حال الرجل المطلق، على الغني قدر سعة رزقه، وعلى الفقير قدر ما يملكه، متاعاً على الوجه المعروف شرعاً، وهو حق ثابت على الذين يحسنون إلى المطلقات وإلى أنفسهم بطاعة الله. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني