الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب عند اختلاط المال الحرام بالمال الحلال

السؤال

أبي يعيش في أمريكا ولا توجد لديه جنسية أمريكية أو الجرنكات، ويشتغل في سوبر ماركت, وكما هو مألوف عند الغرب أن السوبر ماركت تبيع الخمر في أي "بقالة" وأبي يشتغل في هذه السوبر ماركت.... فأراد أبي أن يفتح سوبر ماركت لوحده فأخبروه أنه لا بد أن يدخل الخمر"لأنه نظام عندهم" وأبي لم يستطع أن يشتغل في شركة لأنه لا يوجد عنده الجنسية ولا الجرنكات كما يسمونها... فالسؤال هو: هل المال الذي يقبضه أبي حرام... مع العلم بأن المجتمع الأمريكي هذا عندهم شيء طبيعي... ووالدتي تريد أن تذهب للحج فهي متحيرة بسبب هذا، مع العلم بأنه كان فقيراً جداً جداً.... وهو الآن يعيل ستة أولاد.... واثنتين من أخواته... ونتصدق من هذا المال... ونؤدي الزكاة.... وهو إلى الآن لم يحصل على الجنسية الأمريكية حتى يغير مكان عمله.. من السوبر ماركت إلى شركة لا تبيع الخمر، فهل هذا المال حرام؟ وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

بيع الخمر وأكل ثمنه محرم، ومال بائعه إن اختلط بمال مباح كره عند بعضهم الانتفاع به، وأجازه بعضهم، وأما الحج فهو صحيح عند الجمهور ولو تؤكد من تحريم المال؛ إلا أنه يحرم في الأصل الحج من المال المحرم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بيع الخمر محرم شرعاً لما ثبت في الحديث عن لعن بائعها حيث يقول صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها، وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها. رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه والحاكم بألفاظ متقاربة، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والمنذري.

وهذا الحديث يفيد منع بيع الخمر وحرمة أكل ثمنه والإعانة على شربه بأي وسيلة، وبما أن أنواع الكسب كثيرة فيتعين على أبيك ترك بيع الخمر في السوبر ماركت، فإن فرض عليه بالقوة فعليه أن يتركها ويبحث عن شغل آخر، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، وفي الحديث: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط.

وبناء عليه فإن المال المأخوذ من الخمر محرم يجب عليه التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، وما سواه جائز، وإذا اختلط المال الحرام بالمال الحلال وجب إخراج قدر الحرام.

وأما الحج من ماله المختلط قبل إخراج القدر المحرم منه فهو صحيح عند الجمهور مع الإثم إن علم أن عين المال الذي تم الحج به حرام.

وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78585، 6880، 69721، 47332، 74320.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني