الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مال الزوجة لا يحل لزوجها إلا بطيب نفس منها

السؤال

لي ابنة موظفة في فرنسا تزوجت أخيرا بشاب مسلم إقامته بفرنسا كانت غير قانونية كافحت ابنتي حتى تسلم كل أوراق إقامته الشرعية. بيت القصيد هنا هو أنها أسكنته بالمنزل الذي تؤدي هي كراءه وأطعمته وكسته ثم أعطته حتى بطاقتها لسحب المال من رصيدها في البنك بدون أدنى تحفظ. لقد غاظني أمرها هذا وقلت لها إن الإسلام لم يعط للزوج التحكم في أموال زوجته. وعليك أن تسحبي منه بطاقة سحب المال من رصيدك في البنك كما أنه عليه أن يعمل وأن يتحمل مسؤولياته كزوج إزاءك كزوجة له{كسوة مأوى إطعام }والأدهى هو أنه أرغمها على التخلي عن العمل. أفيدونا يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن مال الزوجة مال خاص بها، ولها في الشرع حق التملك للمال والتصرف به في أوجه الحلال كتجارة وغيرها من بيع وشراء وصدقة، وتجب فيه الزكاة المفروضة إذا بلغ نصابا و حال عليه الحول، وليس من حق الزوج أن يتسلط على مالها أو يأخذه منها إلا بطيب نفسها، قال سبحانه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}.

وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني .

فقيدت الآية الكريمة والسنة المطهرة حل الأكل من مال الزوجة خصوصا والغير عموما بطيب النفس.

وما ذكرت في السؤال ليس فيه أن الزوج يأخذ مالها قهرا أو غصبا بل الظاهر أنها هي التي تعطيه من مالها بطيب النفس, وعليه فليس على الزوج حرج في ذلك, طالما هي الباذلة برضا وطيب نفس، وأما بالنسبة للنفقة على البيت من طعام وشراب وسكن وعلاج ونحو ذلك فهي على الزوج؛ دل على ذلك الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا {الطلاق:7}

وأما السنة فحديث هند في الصحيحين أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذى ما يكفيك وولدك بالمعروف.

قال ابن قدامة في المغني: وفيه أي الحديث دلالة على وجوب النفقة لها على زوجها، وأن ذلك مقدر بكفايتها ، وأن نفقة ولده عليه دونها مقدر بكفايتهم، وأن ذلك بالمعروف، وأن لها أن تأخذ ذلك بنفسها من غير علمه إذا لم يعطها إياه. انتهى .

وقال في موضع آخر: وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى الزوج، على الوجه الواجب عليها، فلها عليه جميع حاجتها؛ من مأكول، ومشروب، وملبوس، ومسكن. انتهى .

ومع كون النفقة واجبة على الزوج فلو أسقطتها الزوجة فلا حرج في ذلك لأنها حق لها تتصرف فيه كما تشاء, قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وإذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها لرغبة عنها، إما لمرضٍ بها أو كبر أو دمامة، فلا بأس أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك، لقول الله تعالى :وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً.. انتهى .

فإذا جاز للزوجة أن تسقط حقها حال الخوف من إعراض الزوج ونشوزه الذي هو مظنة الظلم من الزوج , فمن باب أولى يجوز لها إسقاط حقها حال الأمن والرضا.

وأما ما ذكرت من كونه أرغمها على ترك العمل فهذا حقه الشرعي لأن الزوجة محبوسة لحق زوجها, جاء في أسنى المطالب: لو أجرت حرة نفسها إجارة عين بغير إذن الزوج لم يجز لأن أوقاتها مستغرقة لحقه.

وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 483, 4556, 107662 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني