الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن الظن بالله والحذر من القنوط من رحمته

السؤال

أغيثوني أغاثكم الله, لم أعد أعرف لي راحة ولا أمنا. لقد كنت في ضلال مبين واقترفت من الذنوب كل ما يخطر على البال وسرت على ذلك لسنين طويلة فأنعم الله علي بالتوبة فعدت أصلي وأقرأ القرآن وأستغفره وأذكره جل وعلا في كل الأوقات, أحاول قدر المستطاع فعل ما يقربني إليه سبحانه وأعمل على أن أكون من عباد الله الصالحين وأفكر حاليا في التنقب. إلا أن نفسي تحدثني مرات أن توبتي لم تقبل وأن الله لم ولن يغفر لي وأنني منافقة وأنني سأعود إلى ما كنت عليه والعياذ بالله وأن الله سينزل بي العقاب الشديد في الدنيا قبل الآخرة وأفتضح بين العباد رغم تذكري دائما لقوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. صدق الله العظيم.
إلا أنني خائفة جدا ومهمومة من عدم قبول توبتي مع أنني والله لقد أقلعت عن كل ما كنت أفعله وعزمت ألا أعود أبدا وندمت ندما شديدا. ومن نعمه علي أن رزقني من خطبني من يتقي الله ويخافه.
هل يغفر لي الله ما اقترفته من ذنوب وكبائر؟ وهل أستحق هذا الشاب المتقي رغم ما كنت عليه من ضلال؟
أفيدوني وبشروني بشركم الله بالجنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا لك بما وفقك الله تعالى إليه من التوبة والاستقامة على الحق وعمل الصالحات، ونسأله سبحانه لك الثبات على ذلك حتى الممات.

واعلمي أن توفيق الله تعالى عبده إلى التوبة من علامات محبته له ورضاه عنه. قال تعالى: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 118}.

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين معقبا على هذه الآية: أخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتهم وأنها هي التي جعلتهم تائبين، فكانت سببا مقتضيا لتوبتهم فدل على أنهم ما تابوا حتى تاب الله تعالى عليهم. اهـ.

فننصحك بإحسان الظن بربك وعدم اليأس من رحمته فمن تاب تاب عليه، ومهما عظمت الذنوب فإنه يغفرها كما في آية سورة الزمر التي أشرت إليها بالسؤال، والواجب الحذر من خواطر الشيطان التي تنتاب قلبك، وتخويفه لك بأن الله تعالى لن يغفر لك وأنك سوف تحاسبين على ما فعلت يوم القيامة فإنه بذلك يريد أن يوقعك في القنوط ليسهل عليه ردك إلى سبيل الغواية مرة أخرى، فكوني منه على حذر، وخيبي ظنه ورددي في نفسك: إن ربي لغفور رحيم، وللمزيد انظري هاتين الفتويين: 12928، 1882.

ونوصيك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح ومصاحبة أخواتك المسلمات الصالحات والعمل معهن في نشر الخير ودعوة النساء الأخريات إلى الله، وكونك قد كنت على ضلال فليس بمانع لك شرعا من الزواج من هذا الشاب الذي وصفته بكونه متقيا، فإذا كان فعلا كذلك فعليك بالمبادرة إلى الموافقة على الزواج منه بعد أن تستخيري الله تعالى في أمره، وراجعي الفتوى رقم: 19333.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني