الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا كنت أعرف فتاة ومتعلق بها وهي كانت متعلقة بي وكان الزواج من بعضنا أكبر همنا وكنا نحث بعضنا على الصلاة والصوم وغيره من العبادات ولم يتعد ما بيننا سوى مكالمات الهاتف، أما غيرها لا ولقد توفيت رحمة الله عليها وكانت والدتي على علم بذلك فهل يجوز أن أتصدق عنها أو أزور قبرها وما حكمها ولقد توفيت بحادث مروري ليلة الجمعة ولقد ذكر لي بعض الناس أنها زانيه والعياذ بالله، فأرجوكم قولوا لي وهونوا مصيبتي بكلام الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق الحديث عن حكم الحب قبل الزواج في الفتوى رقم: 4220، ولا بأس بزيارة قبر هذه المتوفاة إذا كان ذلك على سبيل الاعتبار وللدعاء لها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7410، والفتوى رقم: 31401.

ويجوز لك أيضاً أن تتصدق عنها وأن تهب لها ما تشاء من ثواب الأعمال الصالحة كقراءة القرآن ونحو ذلك، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2288، 102162، 8042.

أما هذا الشخص الذي أخبرك أنها زانية فقد أساء أيما إساءة ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب التي توجب لعنات علام الغيوب وهي القذف، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23}، فالإسلام قد حرم القذف تحريماً قاطعاً، وجعله كبيرة من كبائر الذنوب وأوجب على القاذف ثمانين جلدة ورد شهادته، وحكم عليه بالفسق واستحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، ما لم يأت بما لا يتطرق إليه الشك من إقرار، أو ظهور حمل ممن لم يكن لها زوج، أو شهادة أربعة شهود على حالة قلما تتحقق، قال سبحانه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:4-5}، وقد زاد من عظم هذه الجريمة وبشاعتها كونها في حق شخص متوفى لأن في هذا انتهاك لحرمة الميتة وسب لها بأبشع السباب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا. رواه البخاري وغيره.

وقد كان بعض السلف يلعنون من يستحق اللعن في حياته فإذا مات أمسكوا عنه، جاء في فتح الباري: وقد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حق من استحق عندها اللعن فكانت تلعنه وهو حي، فلما مات تركت ذلك ونهت عن لعنه كما سأذكره. انتهى..

فعلى هذا الشخص أن يتقي الله ربه، وأن يستغفر لذنبه، وأن يكثر من الترحم والدعاء لهذه المتوفاة لعل هذا أن يكفر ذنبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني