الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

للزوجة والأولاد حقوق كما للأم حقوق

السؤال

فضيلة الشيخ أرجو النصيحة ماذا أفعل فأنا متعبة جداً، قصتي يا شيخ أن حماتي تبلغ من العمر 84 وأولادها مغتربون ومن بينهم زوجي وكانت تقضي وقتها عند أولادها إلا أنها قبل سنتين مرضت وأرادت أن تستقر في بيتها في فلسطين ولا أحد يوجد فيه ولها بنتان في نفس البلد متزوجتان فقام زوجي ببعثي أنا وأولادي لخدمتها على أن يستقر هو عندنا السنة المقبلة فوافقت ونزلت على هذا الشرط والآن أنا أقيم عندها وهي تعافت الآن وبسبب الوضع في فلسطين لم يجد وظيفة ولنا أولاد في الجامعات ومصاريفهم كثيرة فبقي في الخليج، مشكلتي أن لي أولادا مراهقين لا أقدر على تربيتهم وحدي فطلاب المدارس هنا سيئؤا الأخلاق ويسبون الله ويتكلمون بكلام بذيء وبدأت ألاحظ ذلك على أولادي فقلت لزوجي إننا نخسر أولادنا يجب أن تأخذنا عندك فرفض بسبب أنه لا يريد ترك أمه، مع العلم بأن ابنها الأكبر يطلب منها القدوم عنده ودائما يلوم زوجي لأنه أخذ أمه من عنده إلا أن أمه لا تريد الذهاب وتريد البقاء في بيتها لأن هناك حشرا وفي بيتها تنزل في الحارة عند صاحباتها، أقنعت زوجي أن يضع أمه عند أخيه ولها في بلد أخيه بنتان أيضا ويضعون لها خادمة ويبعث لها فلوسا ويذهب لرؤيتها وقتما يشاء فرفض وخاف أن يكون هذا من عقوق الوالدين لأن أمه لا ترتاح إلا عنده وبالأخص لأني أنا أعاملها أفضل من زوجات أولادها وكذلك أولادي وتحب زوجي أكثر من غيره، فماذا أفعل الآن وأنا بأشد الحاجة لزوجي وأخاف أن أفقد أولادي وتسوء أخلاقهم بحاجة لأبيهم في هذا السن وزوجي يعيش عيشة ضنكا ودائما يقول لي إن حياته جحيم وأنت تدري يا شيخي بالفتن الموجودة في عالمنا إلا أنه يريد أن يضحي لأجل أمه هي دائما تقول له خذ زوجتك وأولادك عندك وقال لها إن أردت ذلك اذهبي عند أخي ولا تكوني لوحدك فرفضت الذهاب فرفض أخذنا وترك أمه لوحدها فماذا أفعل يا شيخي أرجوكم ساعدوني قبل أن أخسر أولادي وأطلب الطلاق من زوجي إن أصر على موفقه ودائما أقول له إن أمك لها 5 بنات و3 أولاد وأنا وأولادي ليس لنا إلا الله ومن ثم أنت وبنتاها الموجودتان هنا يقمن بالخبيز لها وغسلها ولا يقصرن معها فأرجوكم ماذا أفعل ولا تهملوا سؤالي؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فجزى الله زوجك خيراً على بره بأمه وسعيه الحثيث على مصلحتها وراحتها، وجزاك ا لله خيراً على ما تقومين به من طاعة لزوجك وبر بأمه، ولكن ليعلم الزوج أن لزوجته وأولاده عليه أيضاً حقوقاً عظيمة، والمؤمن الفطن هو الذي يوازن بين أصحاب الحقوق ليوفي كل ذي حق حقه ولا يعطي حقاً ويضيع حقوقاً.

أما بخصوص سفر الزوج فقد قرر أهل العلم أن الزوج له أن يسافر ويغيب عن زوجته ستة أشهر فأقل ولو لم تأذن له زوجته وليس له أكثر من ذلك لغير داع يقتضي ذلك، إلا بإذنها، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر.. يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.

وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك. انتهى..

ولكن يستثنى من التقييد بهذه المدة السفر الواجب كالحج والذي لا بد له منه كالسعي في الأرض لطلب الرزق.

قال صاحب كتاب (الإنصاف): قد صرح الإمام أحمد رحمه الله تعالى بما قال. فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس، إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها. انتهى.

وبناء على ذلك فلو كان هذا الزوج يملك من أسباب الرزق في بلده ما يوفر له ضروريات الحياة وحاجياتها فقط دون التحسينيات والترفيهيات فلا يجوز له أن يسافر أكثر من ستة أشهر إلا بإذنك، أو يصطحبك معه، فإذا لم يفعل ورفض الرجوع أو اصطحاب زوجته معه وتضررت الزوجة بذلك فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق.

وأما بخصوص بقائك مع أم زوجك في بيتها فهذا لا يلزمك شرعاً ولا تجب عليك خدمتها خصوصاً وقد ذكرت أن لها بنات يستطعن خدمتها، ولكن إن فعلت فأنت مأجورة على ذلك.

فذكري زوجك بحقوقك عليه وحقوق أولاده وأنه لا يجوز له أن يضيعكم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني