الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يعاني من الوسوسة في وجود الله تعالى

السؤال

أنا أصبت بوسواس قهري فى العقيدة، ثم في ذات الله وفي وجوده منذ عام، وما جاء الوسواس إلا عندما بدأت أحفظ القرآن، وعانيت كثيراً منه، والله الذي يعلم مدى العذاب الذي عشته حتى أشعر الآن أني بلا عقيدة، ولكني أصلي وعندما أدعو الله أشعر أنه ليس موجودا، أو أنه لا يسمعني فضاقت علي الأرض بما رحبت. هل أنا في النار؟ أم ماذا أفعل؟ وهل أنا كافر؟ أجيبوني أكاد أنتحر، ورزقني الله بمولود منذ 20 يوما، وأنا متزوج منذ عام، وزوجتي تبكي علي طول الوقت. هل أعد نفسي من أهل النار؟ أنا عمري 23عاما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في الفتوى رقم: 128213، الفرق بين الشك في وجود الله تعالى وبين مجرد الوسوسة، والوسوسة التي لا تستقر في القلب ويدفعها صاحبها ويكرهها لا تضر العبد بل هي دليل على إيمانه، والذي نوصي به السائل الكريم هو البعد عن تلك الخطرات والوساوس، ووجود الله تعالى أعظم من أن تنكره العقول أو تشك فيه النفوس، فمن خلق الكون وأوجده على هذا النظام الدقيق، من خلقك على هذه الصورة الحسنة البديعة؛ عين مبصرة، وأذن تسمع، قلب ينبض، دماء في العروق تتدفق، جهاز للهضم، وآخر للتنفس، وثالث لاستخراج الفضلات، لسان عبارة عن قطعة لحم تتحرك فتصدر أصواتا - حروفاً - فينطق ويتكلم، عقل يسير الجسم في دقة متناهية يحذره من السقوط والبرد والحر وكل ما يؤذي، الأسنان تقطع وتقرض، الأضراس لتطحن واللسان يقلب الممضوغ، الكبد تسلط على الطعام ينضجه، ثم ينفذ إلى كل جارحة قدر ما تحتاج إليه من الغذاء، وهذه الأصابع التي هيئت فيها العقد لتطوي وتنفتح فيمكن العمل بها، وغير ذلك كثير مما أودعه الخالق سبحانه في جسم الإنسان، ألا يدل على وجود خالقه وصانعه، وقد قال تعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {الذاريات:21}، وقال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ {الطور:35-36}.

والإنسان يدرك هذا بفطرته، ولهذا لما سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟!! وقد أشارت الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الذي ذكره الأعرابي، كما قال تعالى: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ {إبراهيم:10}، فلا مجال إطلاقاً للشك في خالق لهذا الكون ومدبر له، فاجتهد أخي السائل في دفع تلك الوساوس، وما دمت تخاف أن تكون من أهل النار فأنت مؤمن ولله الحمد بيوم القيامة والجنة والنار، وهذا يعني أنك مؤمن بوجود الله تعالى، وما دمت تؤمن بأن الله هو الذي رزقك ذلك المولود فأنت مؤمن ولله الحمد، فلا داعي للقلق، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم. وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 12436، والفتوى رقم: 12300.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني