الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الامتناع عن معاشرة الزوج الممتنع عن النفقة

السؤال

ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته، وليس له دور في حياة أولاده، ويفكر فقط في نفسه، وزوجته تنفق عليه، وهي لا ترضى أن تتركه، لأنه ليس له أي مأوى أو أهل سوى معها، وهي تخاف أن تغضب الله أو تعصيه، فهي تعامله بما يرضي الله، وبكل رحمه لأنه عمره 80 عاما وهي عمرها 50 عاما ولكن لا تشعر معه بالمودة، وليس لديها أي رغبه ولا جهد في المعاشرة الزوجية، وهو يطالب بها بدون مراعاة لظروفها، فهي تعمل عملا شاقا لتربي أولادها ، منهم من قامت بتزويجه، ومنهم من لازال في المدرسة والجامعة ، وما حكم ما قامت به من إنفاق وتربية الأولاد التربية الإسلامية الصحيحة وحفظ القرآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن واجب الزوج على زوجته أن ينفق عليها بالمعروف، لقول الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ {الطلاق: 7}.

وليست المرأة مطالبة بالإنفاق ولو كانت غنية، ولكن إذا تبرعت المرأة وأعانت زوجها في النفقة، فلا شك أن ذلك من مكارم الأخلاق وحسن العشرة.

وإذا لم ينفق الزوج على زوجته، فمن حقها أن ترفع أمرها للقضاء ليفرض لها حقها و تطلب فراقه لذلك، لكن إن رضيت وصبرت معه، فهو أولى، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الرجل إذا منع امرأته النفقة لعسرته وعدم ما ينفقه فالمرأة مخيرة بين الصبر عليه وبين فراقه. اهـ

وننصح السائلة بالصبر على هذا الزوج رعاية لكبر سنه، ووفاء لطول العشرة، وجمعا لشمل الأسرة، ولتعلم أن الحب والمودة ليست شرطا لاستقرار الحياة الزوجية كما قال عمر رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته لأنه لا يحبها: ويحك ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم.

وأما إجابة الزوج إذا طلب المعاشرة، فقد ذكر الفقهاء أن الزوجة إذا رضيت بالبقاء مع زوجها الذي لا ينفق عليها، فمن حقها أن تمنعه حق المعاشرة، قال ابن قدامة ( الحنبلي) في المغني: إذا رضيت بالمقام مع ذلك (عدم الإنفاق) لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. اهـ

وقال الشيرازي (الشافعي) في المهذب: وإن اختارت المقام بعد الإعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع. اهـ

ولكن الأولى والأحوط ألا تمتنع الزوجة من إجابة زوجها من غير عذر، لعموم الأدلة القاضية بوجوب طاعة الزوج في الاستمتاع، والترهيب من الامتناع منه من غير عذر.

وأما حكم ما قامت به الزوجة من الإنفاق، فهو من القربات الجليلة إذا قصدت بذلك وجه الله، فقد سألت امرأتان النبي صلى الله عليه وسلم عن أجر الصدقة على الزوج والأيتام، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: لَهُمَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ. متفق عليه.

وأما قيامها بتربية أولادها على منهج الإسلام، وتحفيظهم القرآن، فذلك من أعظم ما تقوم به المرأة، ومما ينفعها الله به في الدنيا والآخرة، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رواه مسلم.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني