الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة شيء من القرآن أو الذكر على كفن الميت

السؤال

ما مشروعية أو عدم مشروعية لف أو تكفين الميت -سواء كان الميت ذكرا أو أنثى -بأي قطعة قماش أو راية يوجد عليها كلام الله، أو تحمل عبارات التوحيد كراية حماس والجهاد الإسلامي مثلا، ورايات أخرى احتوت على كلام الله، مثل بعض آيات أو أجزاء منها, وما هي مشروعية دفن المتوفى بها, لاسيما وأن كثيرا من هذه الرايات تتعرض للدماء وبعض النجاسات التي قد تخرج من الميت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكتابة شيء من القرآن أو الذكر على كفن الميت أو ما يلف به الميت فوق الكفن وإن لم يدفن فيه؛ لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أحد من الشهداء أو غيرهم، ولم يفعله الصحابة لما مات النبي صلى الله عليه وسلم في كفنه أو كفن غيره، وليست هذه الأشياء مما يكرم به الميت، بل إكرام الميت يكون باتباع السنة في تكفينه وغسله ودفنه، فلا يشرع فعل ذلك، وأما دفن الميت به؛ فلا يجوز حتى لا يمتهن كلام الله، وذكره سبحانه.

وقد سئل ابن الصلاح رحمه الله عن ذلك، فحرمه، وهذا نص السؤال والجواب: مسألة في الكفن: هل يجوز أن يكتب عليه سور من القرآن: يس والكهف، وأي سورة أراد، أو لا يحل هذا خوفا من صديد الميت وسيلان ما فيه على الآيات وأسماء الله تعالى المباركة المحترمة الشريفة، وهل يجوز أن يصحبه في القبر شيء من الثياب المخيطة؟

أجاب رضي الله عنه: لا يجوز ذلك، وأما المخيطة فيجوز أن يكفن في قميص. والله أعلم. اهـ من فتاوى ابن الصلاح.

وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الفقهية الكبرى: قَدْ أَفْتَى الْإِمَامُ ابن الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ شَيْءٍ من الْقُرْآنِ على الْكَفَنِ صِيَانَةً له عن صَدِيدِ الْمَوْتَى، وَمِثْلُ ذلك الْكِتَابُ الذي يُسَمُّونَهُ كِتَابَ الْعُهْدَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ، وَأَقَرَّ ابن الصَّلَاحِ على ذلك الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، وهو ظَاهِرُ الْمَعْنَى جِدًّا، فإن الْقُرْآنَ، وَكُلَّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَاسْمِ اللَّهِ أو اسْمِ نَبِيٍّ له يَجِبُ احْتِرَامُهُ وَتَوْقِيرُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كِتَابَتَهُ وَجَعْلَهُ في كَفَنِ الْمَيِّتِ فيه غَايَةُ الْإِهَانَةِ له إذْ لَا إهَانَةَ كَالْإِهَانَةِ بِالتَّنْجِيسِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ ما في كَفَنِ الْمَيِّتِ لَا بُدَّ وَأَنْ يُصِيبَهُ بَعْضُ دَمِهِ أو صَدِيدِهِ أو غَيْرِهِمَا من الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ التي بِجَوْفِهِ، فَكَانَ تَحْرِيمُ وَضْعِ ما كُتِبَ فيه اسْمٌ مُعَظَّمٌ في كَفَنِ الْمَيِّتِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فيه اهـ

وفي حاشية الجمل على شرح المنهج: وَلا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ الأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الصَّدِيدِ ا هـ

ومن يفعل ذلك ممن ذكرت في سؤالك نحسبه فعله بحسن نية ورغبة في الخير، ولكن هذا وحده لا يكفي ليكون الفعل مشروعًا، فيجب اتباع المشروع في كفن الميت والابتعاد عما يحرم.

وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6672، 48356، 52768.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني