الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إخراج الزكاة التي تأخر إخراجها لسنوات عدة

السؤال

علي إخراج زكاة لثلاثه أعوام في مال مقداره 20000 عشرون ألف ريال سعودي فكم تكون الزكاة الواجب علي إخراجها بالريال السعودي للثلاثة أعوام؟ وجزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنذكرك أولاً بوجوب التوبة النصوح مما أقدمت عليه من المعصية، فإن تأخير الزكاة بعد وجوبها لا يجوز.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 12152.

وأما مقدار ما يجب عليك بعد مرور هذه السنوات الثلاث فهو ينبني على معرفة خلاف العلماء هل تجب الزكاة في عين المال أم في الذمة، فإن قلنا تجبُ في الذمة فالواجب عليك خمسمائة ريال عن كل سنة وهو ربع عشر المقدار الذي تملكه (20000 ريالاً)، فيكون المجموع ألفاً وخمسمائة من الريالات.. وإن قلنا إن الزكاة تجب في عين المال ، فالواجب عليك عن السنة الأولى ربع عشر المبلغ، وهو خمسمائة ريال ثم تخصم هذه الخمسمائة مما يجب عليك في السنة الثانية، فيصير الواجب عليك أربعمائة وسبعة وثمانين ريالاً ونصف ريال (487.5 ريال) وهو ربع عشر المبلغ المتبقي تسعة عشر ألفاً وخمسمائة ريالاً، ثم يخصم هذا القدر من المال مما يجب عليك زكاته عن السنة الثالثة، فيصير المبلغ الواجب عليك زكاته تسعة عشر ألفاً واثنى عشر ريالاً ونصف ريال، والواجب عليك من الزكاة فيها أربعمائة وخمسة وسبعين ريالاً وثلث ريال تقريباً (475.312 ريال) فيكون مجموع الواجب عليك عن السنين الثلاث على هذا القول ألفاً وأربعمائة واثنين وستين ريالاً وخمسة أسداس ريال تقريباً (1462.8125 ريال).. والأمر يسير والفرق هين، والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة، وإن كان القول الثاني وهو أن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة هو الراجح: لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً {التوبة:103}.

قال صاحب زاد المستقنع: وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة. انتهى.

قال الشيخ العثيمين: فقال بعض العلماء: إنها واجبة في الذمة، ولا علاقة لها بالمال إطلاقاً. بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المرء أن يؤدي الزكاة، وقال بعض العلماء: بل تجب الزكاة في عين المال، لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه لليمن: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم. فالزكاة واجبة في عين المال.

وكلا القولين يرد عليه إشكال، لأننا إذا قلنا: إنها تجب في عين المال صار تعلقها بعين المال كتعلق الرهن بالعين المرهونة، فلا يجوز لصاحب المال إذا وجبت عليه الزكاة أن يتصرف فيه، وهذا خلاف الواقع، حيث إن من وجبت عليه الزكاة له أن يتصرف في ماله، ولو بعد وجوب الزكاة فيه لكن يضمن الزكاة.

وإذا قلنا: بأنها واجبة في الذمة، فإن الزكاة تكون واجبة حتى لو تلف المال بعد وجوبها من غير تعد أو تفريط وهذا فيه نظر أيضاً، فالقول الذي مشى عليه المؤلف قول جامع بين المعنيين، وهو أنها تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فالإنسان في ذمته مطالب بها، وهي واجبة في المال، ولولا المال لم تجب الزكاة فهي واجبة في عين المال. انتهى.

وقال أيضاً: ينبني على الخلاف في تعلق الزكاة بالمال أو بالذمة عدة مسائل ذكرها ابن رجب في القواعد، أوضحها لو كان عند إنسان نصاب واحد حال عليه أكثر من حول، فعلى القول بأنها تجب في الذمة يجب عليه لكل سنة زكاة، وعلى القول بأنها تجب في عين المال، لم يجب عليه إلا زكاة سنة واحدة -السنة الأولى- لأنه بإخراج الزكاة سينقص النصاب، فإذا كان عند الإنسان أربعون شاة سائمة ومضى عليه الحول ففيها شاة، وبها ينقص النصاب لأن الزكاة واجبة في عين المال، أما إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة فإنها تجب في كل سنة شاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني