الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الزوج وحكم موافقته لأمه في أغلب أحواله

السؤال

ذهبت أنا وزوجي وأمه، وأخته للحرم المكي، وبعد عدة أيام اتصلت ابنة عم زوجي وطلبت أن أقابلها في الحرم لكي يلعب أطفالنا مع بعض، وبالفعل لبيت طلبها، وعند دخولنا للحرم قلت لزوجي أريد أن أقابل ابنة عمك فرفض بحجة أنها لابد أن تسلم على أمه وأخته أولا، ولكن عند دخولي رأى زوجها زوجي فقام وسلم عليه، ثم ذهبت وسلمت عليها، ولعب الأطفال مع بعض، وعندما رجعنا للبيت إذا زوجي وأمه مغضبان مني، زوجي يقول أنا رفضت أن تقابليها و قابلتيها وذالك يعتبر من عصيان الزوج، ومرة أخرى عزم زوجي أهلي وطلبت منه أن أعزم النساء فرفض لأسباب خاصة به، ولكن لم ألح عليه ولكن عزمت النساء ولم تستجب إلا واحدة، وعندما رآها غضب بقوه وقال إنه عصيان. فهل يعتبر ما حدث عصيانا للزوج في كلا الحالتين علما بأنه يرفض أغلب الأشياء إرضاء لأمه وأنا لا أحد يراعيني. أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك أيتها السائلة على أن الحرم الشريف زاده الله تعظيما وتكريما وأمنًا, ليس مكانا للعب الأطفال بل إنه مكان معظم لعبادة الله والتقرب إليه بالطواف والصلاة وسائر الطاعات, وأما اللعب فله أماكن أخرى، وراجعي الفتوى رقم: 2750.

وأما ما كان من زوجك وطلبه منك ألا تسلمي على زوجة ابنة عمه فإنه لا يجوز، وذلك لما فيه من الأمر بهجران المسلم دون مسوغ شرعي وهو حرام، وتزداد الحرمة إذا كان ذلك في المسجد الحرام لأن المعاصي تغلظ في الحرم كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12665.

والأمر بترك السلام عليها شيء وذهابك إليها شيء آخر، فإن كنت قد التقيت معها وجها لوجه أو ما قارب ذلك فحينئذ لا حرج عليك في السلام عليها، لأن ترك السلام حينئذ يعتبر من الهجران والقطيعة، ولا تجوز طاعة الزوج في مثل هذا.

أما إن كانت بعيدة عنك وبادرت أنت بالذهاب إليها رغم نهي زوجك لك فأنت مخطئة حينئذ، إذ كان الواجب عليك الوقوف عند أمر الزوج.

وأما بخصوص النساء اللاتي نهاك عن دعوتهن فكان الواجب عليك أن تمتثلي أمره, وقد أخطأت حين عصيتيه في ذلك, إذ من حق زوجك عليك أن تطيعيه في مثل هذا بلا خلاف, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه.

قال:النووي في شرحه لهذا الحديث:

والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك، وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل أو امرأة ولا محرم ولا غيره في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه، لأن الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتى يوجد الإذن في ذلك منه، أو ممن أذن له في الإذن في ذلك، أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك ونحوه، ومتى حصل الشك في الرضا ولم يترجح شيء ولا وجدت قرينة لا يحل الدخول ولا الإذن. والله أعلم. انتهى.

أما موافقته لأمه في أغلب الأوقات فهذا لا حرج عليه فيه بشرط ألا يحمله ذلك على معصية الله، أو يوقعه في ظلمك أو انتقاص حق من حقوقك, فإن فعل هذا فهو آثم وليس هذا من البر بأمه أصلا إذ البر إنما يكون بالمعروف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني