الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الرياء وتجريد النية لله تعالى

السؤال

أريد أن أستشيركم في هذا الأمر: أبدأ، أني والحمد لله ثابت في ديني، وأنا طبعا لا أحد يعلم إلا أنا وأمي وأبي وإخوتي أني أقوم الليل، وأتصدق دون علمهم، وطبعا الصلوات في وقتها جميعا مع الفجر، وصرت الآن أصوم الإثنين والخميس، وأنا لا أحب أن يقولوا إني متدين أو مطوع أبداً إلا بعد أن أترك تلك العادة السيئة، واليوم أمام العائلة كلها-أعمامي وأزواجهم وأبنائهم- قالت أمي إني أصوم وكلهم متفاجؤون كأني رسول ويقولون لي ادع لنا، أنا أدعو لنفسي بالمغفرة وأخاف أن يغضب علي الله، وعندما يقول لي أحد هذا الكلام أغضب من داخلي حتى أني أحس أني صرت في مرحلة الرياء. فبماذا تنصحوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق ويعينك على الخير، ويهديك لأرشد الأمر. وأما ما ذكرت من خوف الرياء فهذا الخوف مما يحمد، فجاهد نفسك على الإخلاص وتجريد النية لله تعالى، وأكثر من الاستعاذة به سبحانه، فعن أبي علي رجل من بني كاهل قال: خطبنا أبو موسى الأشعري فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقال: والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين عمر مأذونا لنا أو غير مأذون فقال: بل أخرج مما قلت، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه.

قال المنذري: رواه أحمد والطبراني ورواته إلى أبي علي محتج بهم في الصحيح، وأبو علي وثقه ابن حبان ولم أر أحدا جرحه اهـ. وحسنه الألباني لغيره.

وليحذر السائل الكريم أن يأتيه الشيطان من باب مخافة الرياء ويدعوه إلى ترك بعض الأعمال الصالحة، فالأمر كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك. اهـ.

وقد سبق لنا بيان حقيقة الإخلاص وبواعثه وثمراته، وحقيقة الرياء وآثاره وكيفية علاجه، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10396 ، 8523 ، 7515 ، 10992.

وقول السائل الكريم: بعد أن أترك تلك العادة السيئة. إن كان يعني بها الاستمناء، فهي بالفعل عادة سيئة بل محرمة ومضرة، وقد سبق الكلام على حكمها وما فيها من أضرار بدينة ونفسية في الفتوى رقم: 7170. ولكن لا يصح أن يكون فعل المحرمات مدعاة لترك الطاعات، بل العكس هو الصحيح.

ونوصيك أخي الكريم أن تكثر القراءة في الكتب المتعلقة بالتزكية ككتاب: مختصر منهاج القاصدين. للمقدسي. والكتب المتعلقة بأحوال الآخرة ككتاب: حادي الأرواح. لابن القيم، وكتاب: التخويف من النار. لابن رجب، وكتاب التذكرة. للقرطبي. فإن هذه من أنفع العلوم لصلاح الباطن وحصول الاستقامة. كما نوصي بكثرة تلاوة القرآن وذكر الله ، فإن في ذلك عصمة من الشيطان. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 1208.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني