الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قال لزوجته إن خرجت فأنت طالق

السؤال

رجل قال لزوجته: إن خرجت فأنت طالق. والسؤال أن عدم خروج المرأة هو من ضرب المستحيل، فهل الحلف عليها بعدم الخروج ضرب من المستحيل، فبذلك لا يقع طلاق أم أن الطلاق يقع إن وقع المشروط عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء لا نسلم لك المقدمة التي ذكرت فيها أن عدم خروج الزوجة من بيتها ضرب من المستحيل, ولو قيل إنه من الصعوبة والحرج بمكان لكان الكلام وجيها.

ثم بعد ذلك ننبهك على أن النتيجة التي رتبتها على هذه المقدمة أو ظننت أنها مترتبة عليها من الجزم بعدم وقوع الطلاق بوقوع المعلق عليه إذا علق على مستحيل أيضا نتيجة غير صحيحة, فإن تعليق الطلاق على مستحيل فيه تفصيل وخلاف عند أهل العلم, جاء في المغني لابن قدامة:

فإن علق الطلاق على مستحيل فقال: أنت طالق إن قتلت الميت، أو شربت الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه، أو جمعت بين الضدين، أو كان الواحد أكثر من اثنين، أو على ما يستحيل عادة كقوله إن طرت أو صعدت إلى السماء، أو قلبت الحجر ذهبا، أو شربت هذا النهر كله، أو حملت الجبل، أو شاء الميت ففيه وجهان : أحدهما : يقع الطلاق في الحال لأنه أردف الطلاق بما يرفع جملته ويمنع وقوعه في الحال. وفي الثاني فلم يصح كاستثناء الكل كما لو قالت أنت طالق طلقة لا تقع عليك أو لا تنقص عدد طلاقك.

والثاني: لا يقع لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد، ولأن ما يقصد تبعيده يعلق على المحال كقوله:إذا شاب الغراب أتيت أهلي ... وصار القار كاللبن الحليب. أي لا آتيهم, وقيل إن علقه على ما يستحيل عقلا وقع في الحال لأنه لا وجود له فلم تعلق به الصفة، وبقي مجرد الطلاق فوقع ،وإن علقه على مستحيل عادة كالطيران وصعود السماء لم يقع لأنه له وجود، وقد وجد جنس ذلك في معجزات الأنبياء عليهم السلام وكرامات الأولياء فجاز تعليق الطلاق به ولم يقع قبل وجوده. انتهى.

فتبين مما ذكرنا أن قول الرجل لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، هو طلاق معلق على شرط ممكن الحدوث, فلا يجري فيه الخلاف السابق, بل حكمه أنه يقع بوقوع الشرط عند جماهير أهل العلم, وخالف في ذلك جماعة كشيخ الإسلام بن تيمية فقالوا:

إن قصد بالتعليق وقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه فإنه يقع, وأما إن قصد الحث أو المنع فإنه لا يقع وعليه كفارة يمين إذا حصل المعلق عليه.

وقد ذكرنا هذا في الفتوى رقم: 3795.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني