الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب الطلاق لكون الزوج يمنع زوجته من خدمة أمها طريحة الفراش

السؤال

رجل يمنع زوجته من زيارة والدتها، وهي امرأة طريحة الفراش، لا تستطيع الاعتماد على نفسها حتى في قضاء الحاجة، وهي محتاجة إلى عناية لازمة ومستعجلة، وليس من أبنائها من يقوم بذلك ، فهل تطيع زوجها أم تغيث أمها ؟ مع العلم أن هذه المرأة تعيش هذا الوضع مع زوجها منذ أكثر من 30 سنة، وهي صابرة لأن والديها كان بإمكانهما الاعتناء بنفسيهما، أما الآن و قد عجزا لا تستطيع الصبر على ذلك ، فهل يجوز لها سؤال زوجها الطلاق من أجل هذا الأمر؟
أفيدونا في هذه المسألة أثابكم الله تعالى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها دون سبب معتبر، خصوصا إذا كان والداها في حالة من العجز والمرض، بحيث يحتاجان لخدمتها ورعايتها، فإن الأبناء مسئولون عن رعاية والديهم عند الحاجة، سواء في ذلك الذكور والإناث والمتزوجون وغيرهم، ويتوزع ذلك عليهم بحسب قدرتهم ووسعهم، وامتناع بعضهم عن ما يلزمه لا يسقط الحق عن الباقين، بل يجعله آكد منهم.

فإن أصر زوجك على منعك من زيارة والدتك والقيام بأمورها دون سبب معتبر شرعا، فإنه آثم ويجوز لك حينئذ أن تخرجي لها بدون إذنه. جاء في البحر الرائق لابن نجيم: ولو كان أبوها زمنا مثلا وهو يحتاج إلى خدمتها والزوج يمنعها من تعاهده فعليها أن تعصيه مسلما كان الأب أو كافرا. كذا في فتح القدير. انتهى

ولكن ينبغي أن يكون قيامك بخدمة أمك مقيدا بعدم الإضرار ببيتك وحق زوجك عليك، فإن حق زوجك عليك هو أعظم الحقوق على الإطلاق بعد حق الله سبحانه.

ومن المقترح في هذا المقام أن تتفقي مع إخوتك أن يدفع كل منكم مبلغا معينا من المال مقسما عليكم بحسب حال كل منكم من الغنى واليسار لتوفروا لأمكم خادمة تقوم على شئونها ورعايتها، ثم تتناوبون أنتم على زيارتها والقيام بما تقدرون عليه من خدمتها ومصالحها، فإن امتنع إخوتك عن ذلك فعليك أنت أن تقومي بذلك من مالك، فإن لم يكن لك مال فحينئذ عليك أن تقومي بخدمتها ورعايتها بما لا يتعارض مع حقوق زوجك وبيتك كما سبق.

فإن أصر زوجك على منعك من ذلك، فلا حرج عليك حينئذ في طلب الطلاق منه، بل نص أهل العلم على أنها لو رفعت الأمر إلى القاضي وطلبت الطلاق يأمره برفع الضرر أو بالطلاق. قال خليل: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى

ومن المعلوم أن التفريق بين الزوجة وبين أمها المريضة ومنعها من زيارتها وتعاهدها من أعظم الضرر بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني