الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قيام الزوجة بخدمة شقيق زوجها المعاق

السؤال

أخي الكريم أريد أن تفيدوني؛ إنني في أحد الأيام كنت أتكلم مع أم زوجي رحمها الله في دردشة، وقلت لها بعد موتك سأبقي ابنك عندي، وكانت ومع رغم هذا كانت دائما خائفة لعلها تعرف كل أحد من أبنائها وكونهم ترعرعوا في بلد غير مسلم ليس لهم ذلك الحنان، وجاءت الأقدار وليلة موتها في الحج تكلمت مع أحد الأشخاص الذين ذهبت معهم أنها ليست مرتاحة من طرف ابنها المريض (لديه تأخر في النمو العقلي وداء السكر) وأجابتها إحداهم لقد قالت لك زوجة ابنك إنها ستقوم به عند موتك والتي هي أنا فأجابتها أم زوجي رحمها الله: ليس بالشيء السهل عليها، لا تستطيع وحدها، وماتت بدون سابق إنذار اليوم التالي بعد أدائها صلاة المغرب من يوم الجمعة. وأنا عند كلامي، ولكن أريد أن أستفسر من حضرتكم هل لي أن أطلب من أخيه المتزوج وأخواته البنات أن يساعدوني فيه أي يأخذوه عندهم في العطل المدرسية والأسبوعية والصيفية كون له أخت مدرسة، ويمكنها أن تساعدني حتى في الأيام الأسبوع؛ لأنها تعمل فترة الصباح فقط، ولديها ولد واحد عمره 15 سنة، مع العلم أن لدي ثلاثة أطفال أكبرهم أربع سنوات ونصف، وأصغرهم 8 أشهر، بما أنه يقيم عندي طوال السنة هل يعد هذا إخلال بالكلمة، فإن هذه المساعدة تمكنني من أن لا أكره من خدمته، وأريد أن أقول لكم إنه بعد موت المرحومة قال إخوته سوف تكون هناك مساعدة بيني وبين زوجة أخي زوجي المتزوج، ففي الأول قلت لا اريد هذه المساعدة سوف يبقى عندي، فقالت إحداهما حتى أخوه لديه الحق أن يأخذه عنده، ونحن نأخذه كذلك عندما نريد في العطل، ولكن زوجة أخي زوجي قالت: لا أريده وأصبحت أنا وحدي التي أقيم به، مع العلم أنه منذ وفاة حماتي سنة ونصف أخذوه في العام الماضي مدة 10 أيام، وهذه السنة 10 كذالك. هل يجب علي أن أتحمل مسؤوليته وحدي فقط؟ أم يقسموا معي هذا العمل؟ وهل يدخل هذا في إجباري أن أقوم به وحدي؟ وهل الله عز وجل يحاسبني عندما في بعض الأحيان أتعب منه وأتقلق وأتكلم مع نفسي بأشياء كقولي عندما يموت سرف أرتاح، هل هذا يعد من حديث النفس أو وسوسة الشيطان؟ مع العلم بعد قولي هذا أستغفر ربي وأتوب إليه. وهل علي ذنب؟ وأريد جوابا مفهوما صريحا من فضلكم لأنني بحاجة ماسة إلى هذا الجواب؛ لأن ضميري غير مرتاح، وكوني أريد الالتزام في ديني بشكل صحيح أن أكون مع ربي صافية القلب إن شاء تعالى. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 121995، الحدود الشرعية لتعامل المرأة مع شقيق زوجها المعاق، فعليك بمراجعتها للفائدة.

واعلمي أن الصبر على ما تجدينه من تعب وضيق جراء قيامك بمصالح هذا المريض من أعظم الأعمال الصالحات التي تتقربين بها إلى الله جل وعلا. ولك إن شاء الله عظيم الأجر وجزيل الثواب على ذلك، بل ستجدين بإذن الله ثمرة هذا في الدنيا من معونة الله لك، ولطفه بك وإصلاحه لذريتك، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، و من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

ولا مانع من أن تستعيني على خدمته ببعض أخواته، فهن في الحقيقة أولى برعايته منك؛ لأنهن من محارمه، وهذا ما يفهم من كلام أهل العلم حين ذكروا أن المجنون لا يزوج إلا لحاجة، ومن حاجته أن يحتاج إلى الخدمة، ولا يوجد في محارمه من يقوم بها. جاء في روضة الطالبين للنووي: أو بأن يحتاج المجنون إلى من يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارمه من يحصل هذا. انتهى.

فالذي نراه تفاديا لما تجدين من ضيق وتعب جراء انفرادك بخدمته أن تتعاوني مع أخواته للقيام بمصالحه، وقد يكون من الأفضل أن تكون إقامته مقسمة بينكن جميعا، ولا يعد هذا من إخلاف وعدك مع أمه، مع التنبيه على أن الوعد لا يجب الوفاء به أصلا، وإنما يستحب على الراجح من كلام أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 17057.

وأما ما تجدين في نفسك من ضيق يحملك في بعض الأوقات على الضجر منه وتمني الموت له، فهذا لا يضرك إن شاء الله، ما دمت تندمين عليه بعد ذلك، وتستغفرين الله منه، بشرط أن يبقى الأمر في حيز حديث النفس وخواطرها، ولا يتعدى ذلك إلى أفعال الجوارح بإيذائه بقول أو فعل، فإن الله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة عن حديث النفس ما لم تتكلم أو تعمل، روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني