الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من دل غيره على معصية ثم تاب لا يلحقه إثم استمرار غيره على تلك المعصية

السؤال

ببساطة لقد قمت بتعليم أحد الأصدقاء كيفية الدخول على المواقع المحرمة، وبعد ذلك تبت وندمت على هذا الفعل، وحاولت أن أمنعه من دخول هذه المواقع، وأحيانا اضطر للكذب وادعاء أن مثل هذه المواقع قد تفعل كذا وكذا بالكمبيوتر حتى يرجع، ولكنه دائما يقول إنني من علمته كيفية الدخول، ودائما يقول إني أدخل على هذه المواقع لتأخذ أنت هذه السيئات، مع العلم بأنني قمت بإزالة البرنامج المستخدم في عملية الدخول حتى أمنعه، ولكن للأسف استطاع أن يحضر نسخة أخرى من البرنامج، مع العلم أني تبت وندمت على هذا الفعل، فما العمل وما هو الحكم؟.
أرجو الإفادة؛ لأن هذا الموضوع يخيفني جدا كلما تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم: من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم الدين، مع العلم أنني دائما أ تحدث معه في الدين حتى يتذكر ويفيق، وكثيرا ما آخذه إلى الصلاة في المسجد ـ وخاصة في الفجر ـ ولكن عندما يحدث خلاف بيني وبينه يذكرني بأنني كنت السبب، وأنه مصر على هذا العمل حتى يكسبني سيئات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يقبل توبتك، وأن يثبتك عليها ويصرف عنك كيد شياطين الجن والإنس.

واعلم أيها السائل أنك إن صدقت في توبتك وندمت على ما كان منك، وبذلت الجهد في استصلاح من كنت سببا في إضلالهم، فقد أديت ما عليك ولن يضرك ـ إن شاء الله ـ ما يكون منهم من إصرار على طريق الغواية، وقوله إنه سيستمر على فعل المعصية حتى يحملك من أوزاره قول خاطئ، يدل على جهله وسذاجته، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والأصل المتقرر في الشريعة أنه لا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن استثنى من ذلك أهل البدع والمنكرات الداعين إليها، فهؤلاء يحملون من أوزار من أضلوهم كما قال سبحانه: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ {العنكبوت: 13}. وقال تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ {النحل: 25}.

وقال صلى الله عليه وسلم: ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. رواه مسلم وغيره.

فإذا تاب من ذنبه، وأصلح، وبذل جهده في إصلاح ما كان منه فقد برئ من ذلك ـ إن شاء الله ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

وقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب، فإنه تقبل توبته ولا يضره بقاء أثر ذنبه، ومثلوا لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها.

قال صاحب المراقي:

من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا

وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني