الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اجمع بين العلم والعبادة وتزكية النفس

السؤال

أنا ملتزم من سنتين، وبدأت أطلب العلم من شهرين، مشيت شهر 100/100 وبعد ذلك خيبت، وأنا لست حافظا للقرآن كله. والسؤال:هل أزكي نفسى بالعبادة والقرآن وأهتم بها وبالواجبات على أكمل وجه مع تقليل الاهتمام بطلب العلم نسبيا أم أهتم بطلب العلم وأشد على نفسي ولا أدلعها؟ الرجاء إرسال اسم المفتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا تعارض بين الاهتمام بطلب العلم وبين تزكية النفس، بل إن العلم الشرعي يورث تزكية النفس. قال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ. {فاطر: 28}. وإذا أحسن الإنسان نيته في طلب العلم وأخلصها لله، فإنه يثاب على ذلك؛ لأن طلبه حينئذ يكون عبادة، وكما قيل: تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقه، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة.

فتراجعك عن الاهتمام بطلب العلم قد يكون من الشيطان ليصدك عن الوصول إلى المراتب العالية عند الله جل وعلا. قال تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ. {المجادلة: 11}.

وروى الترمذي عن أبي أمامة الباهلي قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.

وقال عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم. وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب. إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد.

فنوصيك بمواصلة طلب العلم وأخذ نفسك بالحزم، والاستعاذة بالله من العجز والكسل حتى تنال المراتب الرفيعة عند الله عز وجل.

كما نوصيك بالجمع بين العلم والعبادة؛ فإن الله سبحانه قد مدح عباده الذين يجمعون بين قوة العلم وقوة العبادة، فقال: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ. {ص:45}.

قال ابن كثير في تفسيره: يعني بذلك: العمل الصالح والعلم النافع والقوة في العبادة والبصيرة النافذة.

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أُولِي الأيْدِي يقول: أولي القوة وَالأبْصَارِ يقول: الفقه في الدين.

وقال مجاهد: أُولِي الأيْدِي يعني: القوة في طاعة الله وَالأبْصَارِ يعني: البصر في الحق.

وقال قتادة والسدي: أعطُوا قوة في العبادة وبَصرًا في الدين.

وعليك الاهتمام بتزكية نفسك والعمل بما علمت، والمحافظة على قيام الليل، ومطالعة كتب الرقائق والسلوك، لاسيما كتب العلامة ابن قيم الجوزية؛ فإن فيها خيرا عظيما.

ونوصيك كذلك باستكمال حفظ القرآن، والمداومة على ورد يومي منه. وأما بخصوص المفاضلة بين حفظ القرآن وتعلم العلوم الشرعية فراجع الفتاوى: 93424، 101737، 22256.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني