الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد أن أعرف هل الحيوان المسمى ـ نيصِِ ـ وهو حيوان ذو أشواك مثل القنفذ لكنه كبير الحجم يجوزأكل لحمه أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف العلماء في حكم أكل ـ النيص ـ فمنهم من حرمه لكونه مما يستخبثه العرب، ومنهم من أباحه ولم يعتبر الاستخباث سببا بمجرده للتحريم، وذلك لعدم ورود نص صحيح بتحريمه.

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ عن ذلك، فقال: قد اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في حكمه فمنهم من أحله ومنهم من حرمه، وأصح القولين أنه حلال،لأن الأصل في الحيوانات الحل فلا يحرم إلا ما حرمه الشرع ولم يرد في الشرع ما يدل على تحريم هذا الحيوان، وهو يتغذى بالنبات كالأرنب والغزال وليس من ذوات الناب المفترسة، فلم يبق وجه لتحريمه، والحيوان المذكور نوع من القنافذ ويسمى ـ الدلدل ـ ويعلو جلده شوك طويل، وقد سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن القنفذ؟ فقرأ قوله تعالى: قُلْ لَا أجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ... الآية. قال شيخ عنده: إن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنه خبيث من الخبائث، فقال ابن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فهو كما قاله.

فاتضح من كلامه ـ رضي الله عنه ـ أنه لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شأن القنفذ شيئا، كما اتضح من كلامه أيضا عدم تصديقه الشيخ المذكور، والحديث المذكور ضعفه البيهقي وغيره من أهل العلم بجهالة الشيخ المذكور، فعلم مما ذكرنا صحة القول بحله وضعف القول بتحريمه، والله سبحانه وتعالى أعلم. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز.

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: فالشرع إذا حرَّم عيناً فهي حرام عند كل الناس، وليس مطلق كون الشيء خبيثاً يقتضي التحريم، بدليل قول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام: من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا. يعني بها البصل، وقالوا: حُرِّمتْ حُرِّمتْ؟ فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها.

فإذاً نقول: لا أثر لاستخباث ذوي اليسار، وأن معنى الآية أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يحرم إلا ما كان خبيثاً، فيكون الوصف بالخبث علة لما حرَّمه الشرع، وأن الشرع لا يحرم إلا خبيثاً، فإذا حرم شيئاً فلا تبحث هل هو طيب؟ أو غير طيب؟ بل إذا حرمه فاعلم أنه خبيث، أما أن نقول: كل ما استخبثه الناس، أو ذوو اليسار منهم فهو حرام، فهذا أمر لا يمكن، لأن معنى ذلك أن نَردَّ الأحكام إلى أعراف الناس وعاداتهم. الشرح الممتع.

وفي فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: القنفذ المسمى ـ بالنيص: دويبة ذات شواك تلتف على نفسها، أكله حلال، لكونه ليس ذا ناب ولا يأكل الجيف وإنما يعيش على الحشائش كالأرنب ونحوها، والأصل في مثل هذا الحل والإباحة حتى يثبت ما يرفع ذلك، أما الحديث الذي رواه أبو داوود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في القنفذ: إنها خبيثة من الخبائث، فضعيف عند أهل العلم. من كتاب فتاوى إسلامية.

وانظر الفتوى رقم: 22805.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني