الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعاوى تحتاج بينات لثبوتها

السؤال

بصدور قانون الإصلاح الزراعي في مصر أصبح والدي ـ رحمه الله ـ غير قادر على التصرف ـ لا بالبيع ولا بالهبة ولا غيره ـ في أرض زراعية كان قد اشتراها آنذاك، فقام بنقل جزء من هذه الأرض من البائع إلى خمسة مزارعين يعملون لديه ثم أخذ من هؤلاء المزارعين عقود بيع ـ استرداد ـ بيضاء أي بدون تسجيل اسم المشتري على العقد ثم عهد بعقد أو اثنين إلى أحد معارفه على سبيل الأمانة وبعد وفاة الوالد بعدة سنوات قام المؤتمن ببيع جزء من هذه الأرض بموجب عقد يستحوذ عليه كأمانة، هذا الرجل بعد ذلك تزوج الوالدة وله منها ولد ـ أخ غير شقيق لي ـ وقد اكتشفت هذا التصرف بعد وفاة هذا الرجل فراجعت أخي غير الشقيق في الموضوع فبدا عليه الفتور ومحاولة التهرب وقال إنه عرف أن والده باع هذه الأرض لحساب خالي وبعلم والدتي، والجميع يعرف أن هذا الخال رجل سفيه، فقد بدد الكثير من حقوقي حتى أن والدي ـ رحمه الله ـ لم يأتمنه على شيء، وقد خرجت صفر اليدين برغم أن الوالد ترك ميراثا كبيرا تم تبديده بالكامل بين المؤتمن ومن تولى الأمر بعد الوالد وهو الخال والوالدة ـ عافاها الله ـ ، فما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة ؟ وما هو الدور الذي يتعين على أخي غير الشقيق أن يقوم به حيال ذلك وهو يعلم علم اليقين أن والده قد خان بالفعل الأمانة وكان يتعين عليه أن يحفظ الأمانة ويؤديها لي؟ كما أن له إخوة وأخوات غير أشقاء من والده، وأنا أريد أن أراجعهم في هذا الحق ليبرئوا ذمة أبيهم وذممهم، بماذا تنصحوننا؟ وما هو الواجب على هؤلاء الإخوة؟ والله يحفظكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي ننصح به هو الحكمة والتعامل بالحسنى فيما بين الإخوان والبعد ـ كل البعد ـ عما يجلب الشحناء ويبعث البغضاء في النفوس ويفضي إلى القطيعة المحرمة، وجملة ما ذكرته لا يمكننا الجزم بشيء فيه، إذ مسائل الخصومات لا بد من عرضها على القضاء لسماع حجج الخصوم وإثبات الحقوق بالبينات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.

لكن إن كان أخوك يقر بخيانة أبيه ويعلمها -كما ذكرت- فلا يجوز له السكوت عليها ويلزمه أن يعيد الحق إلى أصحابه وإن كان لا يعلم بذلك ولا يقر به فلا بد من إثبات الدعوى بالبينة ـ سواء أكان ذلك فيما يتعلق بخيانة من ائتمنه والدك فيما عهد إليه به أو غيره ممن تدعي حقاً قبلهم ـ وما ذكرناه لأخيك نقول مثله لإخوته.

وننبهك إلى وجوب الحذر من تهمة الناس بالخيانة والتعدي دون بينه، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}. وللوقوف على بعض الجوانب المذكورة في السؤال، انظر الفتويين: 38801، 103603.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني