الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إعفاء الميت من قروضه العقارية والزراعية مشروط

السؤال

فضيلة الشيخ سؤالي عن مشروعية إعفاء المتوفين من الدين الذي عليهم من القروض العقارية أو الزراعية أو بنك التسليف التي أخذوها من الدولة- بيت المال- سوى الممتنعين عن التسديد في حياتهم أو ورثتهم، وكذلك الذين يقومون بالتسديد حسب الأقساط السنوية إلى حين وفاتهم ؟ وسؤالي عن مشروعية الحصول على نسبة من الإعفاء من القرض لصندوق التنمية العقارية عند التسديد حسب الموعد السنوي أو التسديد قبل موعد السداد- أي الإعفاء من 20 % أو30%- من قيمة القرض الإجمالية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي السؤال غموض، لكن إن كان المقصود هو هل يجوز إعفاء أولئك من دينهم بعد موتهم وهل يقبل الله ذلك فيسقط عنهم الإثم؟ فالجواب: أنه لاحرج في إعفاء من مات من أولئك من دينه وإبرائه منه لكن لا بد أن يكون ذلك ممن هو مخول بالإعفاء وله الإذن فيه من ولي الأمر، ويسقط الدين بذلك الإبراء عن الميت إن كان صادرا ممن له الحق في ذلك التصرف .

وإعفاء الميت من دينه من الإحسان المرغب فيه شرعا لأن الميت لا يخلص من ورطة الدين حتى يقضى عنه أو يبرئه منه صاحبه لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا: تصلي عليه؟ فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.

وأما طلب المدين من غريمه أن يعفيه من بعض دينه مقابل تعجيل السداد، فإن كان المدين حيا فلا يجوز ذلك وهو المعروف بقاعدة: ضع وتعجل. عند أهل العلم.

قال أصحاب الموسوعة الفقهية الكويتية: يرى جمهور الفقهاء أنه إذا كان لرجل على آخر دين مؤجل فقال المدين لغريمه: ضع عني بعضه وأعجل لك بقيته، فإن ذلك لا يجوز عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والثوري وهيثم وابن علية وإسحاق، فقد روي أن رجلاً سأل ابن عمر فنهاه عن ذلك، ثم سأله فقال: إن هذا يريد أن أطعمه الربا. وروي عن زيد بن ثابت أيضاً النهي عن ذلك، وروي أن المقداد قال لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد أذن بحرب من الله ورسوله. اهـ.

وأما إن جاء المدين لتسديد الدين كاملاً في موعد السداد أو قبله فقال له الدائن: قد أسقطت منه كذا فهات الباقي، فهذا لا بأس به ما لم يكن عن تواطؤ مسبق.

وللفائدة انظر الفتويين: 40412، 111134.

وأما إن كان المدين قد مات فإن الدين يحل بموته على الراجح ولو كان الدين مؤجلا.

قال خليل: وحل به- يعني الفلس- أو بالموت ما أجل.

وقال السرخسي في المبسوط: لأن موت المديون سبب لحلول الأجل وتوجه المطالبة بقضاء الدين.

وعلى ذلك فلا وجه للوضع منه مقابل تعجيله لأنه قد حل بالموت ولزم تعجيله، لكن لو رضيت الجهة المانحة له بتخفيفه وإسقاط بعضه فلاحرج في ذلك، وتبرأ ذمة المتوفى مما أبرئ منه وأسقط عنه من الدين .

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني