الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين مساجد البيوت والمساجد العامة

السؤال

قرأت حديثاً بأن من بنى لله مسجداً ـ ولو كان في حجم عش الطائرـ بنى الله له بيتاً في الجنة، فهل هذا صحيح؟ وهل يجوز لي أن أتخذ مكاناً صغيراً في أحد أركان غرفتي فأصلى فيه النافلة وأعامله معاملة المسجد وآخذ الأجرعلى ذلك؟.
أفيدوني ـ يرحمكم الله ـ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المساجد وحث عليه، فعن عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة. متفق عليه. ووقع في بعض الروايات في غير الصحيح زيادة ـ ولو كمفحص قطاة ـ وهو المكان الذي تتخذه القطاة لوضع البيض، قال الشوكاني في بيان ثبوت هذه الرواية وشرح معناها: والتنكير في ـ مسجدـ للشيوع فيدخل فيه الكبير والصغير . وعن أنس عند الترمذي مرفوعا بزيادة لفظ: كبيرا أو صغيراـ ويدل لذلك رواية ـ كمفحص قطاةـ وهي مرفوعة ثابتة عند ابن أبي شيبة عن عثمان وابن حبان والبزارعن أبي ذر وأبي مسلم الكجي من حديث ابن عباس والطبراني في الأوسط من حديث أنس وابن عمر، وعند أبي نعيم في الحلية عن أبي بكر وابن خزيمة عن جابر وحمل ذلك العلماء على المبالغة، لأن المكان الذي تفحصه القطاة لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة. وقيل: هي على ظاهرها والمعنى: أنه يزيد في مسجد قدرا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر، أويشترك جماعة في بناء مسجد فيقع حصة كل واحد منهم ذلك القدر. انتهى.

وأما اتخاذك مكانا تخصه بالصلاة في بيتك فهو مشروع، وقد دل عليه عمل كثير من السلف، وقد ذكرالحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ طرفا من أدلة هذه المسألة في شرحه لقول البخاري في صحيحه: باب المساجد في البيوت.

ونحن ننقل شيئا من كلامه للفائدة، قال ـ رحمه الله: مساجد البيوت، هي أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها، وقد قدمنا في آخر كتاب الحيض أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد بيت ميمونة وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض.

وروى جعفر بن برقان عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال أنه جاء إلى النبي يؤذنه بالصلاة فوجده يتسحر في مسجد بيته. خرجه الإمام أحمد.

وروى محمد بن سعد أبيه قال: أول من اتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه عمار بن ياسر، وهذه المساجد لا يثبت لها شيء من أحكام المساجد المسبلة، فلا تجب صيانتها عن نجاسة ولا جنابة ولا حيض، هذا مذهب أصحابنا وأكثر الفقهاء. انتهى.

وبه تعلم أنه لا حرج عليك في تخصيص مكان معين تصلي فيه في بيتك، كما فعل عتبان بن مالك الصحابي حين أضر وحال السيل بينه وبين المسجد، فاتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، كما في الصحيحين قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح الحديث: وفيه: أنه لا بأس بملازمة الصلاة في موضع معين من البيت، وإنما جاء في الحديث النهي عن إيطان موضع من المسجد للخوف من الرياء ونحوه. انتهى.

وليس معنى هذا أن هذه المساجد في البيوت لها نفس فضيلة المساجد المسبلة، وأن الصلاة فيها كالصلاة في المساجد الموقوفة، ولا أنها يصدق عليها فضل بناء المساجد الوارد في الحديث، قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله: وأما إقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت فلا يحصل بها فضيلة الصلاة في المساجد، وإنما حكم ذلك حكم من صلى في بيته جماعة وترك المسجد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني