الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من توضأ بنية استباحة صلاة معينة وأخرج ما عداها

السؤال

من المعلوم أنه من نوى بالوضوء صلاة واحدة مثلا صلاة الظهر ثم جاء العصر وما زال على وضوء الظهر فإن له أن يصلي بذلك الوضوء العصر ويصلي بهذا الوضوء ما شاء من الصلوات الفرائض والسنن. وسؤالي هو : إذا كان نوى عند الوضوء لصلاة الظهر أنه لن يصلي بهذا الوضوء إلا صلاة الظهر فقط وسوف يعيد الوضوء لصلاة العصر فهل له أن يصلي في هذه الحالة صلاة العصر بوضوء الظهر حيث أفتى بعض العلماء بأن من نوى بالوضوء صلاة معينة فقط فلا يصلي بهذا الوضوء إلا الصلاة التي نوى من أجلها الوضوء، ومن نوى بالوضوء كل الصلوات فله أن يصلي بهذا الوضوء ما شاء من الصلوات. والسؤال: إذا نويت في وضوء الظهر أنني لن أصلي بهذا الوضوء إلا صلاة الظهر فقط، ثم عندما دخل وقت صلاة االعصر غيرت رأيي وأردت أن أصلي بوضوء الظهر صلاة العصر بعد أن كنت قد حددت ونويت أن الوضوء لصلاة واحدة فقط وهي صلاة الظهر فهل تكون صلاتي صحيحة؟ وهل المسألة خلافية بين العلماء ؟ وماهو الراجح في ذلك ؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخلاف في هذه المسألة مشهور وهو موجود داخل المذهب المالكي والشافعي والحنبلي، والصحيح من المذاهب الثلاثة أن من نوى صلاة معينة لا غيرها، ارتفع حدثه وجاز له أن يصلي بوضوئه ذك ما شاء من الصلوات، وأما الحنفية فلا يشترطون النية لصحة الطهارة أصلاً فلا ترد عليهم هذه المسألة وأن الصحيح أن الطهارة تصح مطلقاً.

ففي المذهب الحنبلي قال في الروض مع حاشيته: وإن نوى صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقاً، وأجزأ لتلك الصلاة وغيرها وكفى التعيين ولغي التخصيص. انتهى.

وقال في الإنصاف: ومنها: لو نوى بطهارته صلاة معينة لا غيرها ارتفع مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، وذكر أبو المعالي وجهين كمتيمم نوى إقامة فرضين في وقتين. انتهى.

وفي المذهب الشافعي قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: وشمل إطلاقه ما لو نوى استباحة صلاة معينة كالظهر فإنه يصح لها ولغيرها، وإن نفاه على الأصح كأن نوى استباحة الظهر ونفى غيرها لأن الحدث لا يتجزأ كما مر والتعرض لما عينه غير واجب فيلغو ذكره. انتهى.

وقال الرافعي في الشرح الكبير: وإن نوى استباحة صلاة معينة فإن لم يتعرض لما عداها بالنفي والإثبات صح أيضاً، وإن نفى غيرها فثلاثة أوجه أصحها الصحة لأن المنوية ينبغي أن تباح ولا تباح إلا إذا ارتفع الحدث والحدث لا يتبعض، والثاني: المنع لأن نيته تضمنت رفع الحدث وإبقاءه كما سبق، والثالث: يباح له المنوي دون غيره لظاهر قوله صلى الله عليه وآله: ولكل امرئ ما نوى. انتهى.

وفي المذهب المالكي قال في منح الجليل: أو وإن أخرج بعض المستباح فعله بالوضوء كالصلاة بأن نوى استباحة الظهر لا العصر مثلاً، أو الصلاة لا الطواف أو أحدهما لا مس مصحف أو عكسها فيصح وضوءه ويباح له ما أخرجه أيضاً لأن ترتيب إباحته على صحة الوضوء وظيفة الشارع لا المكلف فهو فضولي فيه فألغي إخراجه. انتهى.

وأثبت الحطاب الخلاف عند المالكية في هذه المسألة عند شرحه لقول خليل: أو أخرج بعض المستباح..

والخلاصة: أن في هذه المسألة خلافاً وأن الصحيح الراجح ارتفاع الحدث مطلقاً وأن من توضأ بنية استباحة صلاة معينة وأخرج ما عداها فله أن يصلي بهذا الوضوء ما شاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني