الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصلاح بين الزوجة والوالدين وكيف يفعل إذا ألزمه أبوه بطلاق امرأته

السؤال

أنا ـ والحمد لله ـ متزوج وأبلغ من العمر 28 سنة وقد أنعم الله علي بطفلة ـ والحمد لله ـ وزوجتي تصغرني بست سنوات وقد تزوجنا منذ سنتين ـ تقريبا ـ وأسكن في الطابق الثاني في منزل عائلتي، وفي البداية كانت الأمور جيدة بين زوجتي ووالدي، ولكن بدأت الأمور تسوء فيما بعد، مع أن الأسباب غير واضحة فكانت زوجتي تملك سعة في الصدر وتعامل أمي بشكل جيد، مع أن أمي كانت تقسو عليها في بعض الأحيان وفجأة لم تعد زوجتي كما كانت ولم تعد صبورة ومسايرة ـ كما كانت ـ ووقعت عدة مشاكل وكان والدي يأمرانني بأن آخذها إلى بيت أهلها، ويطلبان مني أن أطلقها في كل مرة تحدث فيها مشكلة، مع أن الأسباب ـ في الغالب ـ تكون تافهة للغاية وكنت أصلح الأمور بعد فترة بالذهاب إلى شيخ فيعطيني ماء به رقية شرعية، فتهدأ الأمور وأعود بزوجتي إلى البيت، لأنني متأكد من أن سوء العلاقة بين زوجتي ووالدي بسبب السحر ـ والعياذ بالله ـ وقد وقعت مشكلة مؤخرا بين زوجة أخي و زوجتي فقامت زوجتي بضربها لأسباب لم تبينها كلتاهما فما كان من أبي إلا أن تحدث إلى زوجتي في اليوم التالي محاولا نصحها، لكنها أصرت على موقفها ورفعت صوتها على أبي وحاولت ضرب زوجة أخي من جديد في حضور أبي فغضب أبي وطلب منها مغادرة المنزل فور قدومي من العمل، والمشكلة أنني قد فقدت بعض الأوراق العائلية الخاصة بي وجواز سفري وأكاد أكون متأكدا أن زوجتي أخذتها، مع أنني سألتها وقالت إنها لم تأخذها وهي في بيت أهلها منذ شهرين، وطلب مني أبي أن أطلقها، وفي البداية كنت سأنفذ له ما يريد، ولكنني تراجعت بعد أن ذهب عني الغضب وحاولت إصلاح الأمور ولكن أبي مصر على موقفه وطلب مني أن أستأجر بيتا وأنتقل إليه إذا كنت لا أريد أن أطلقها، مع العلم أن دخلي لا يسمح لي بذلك وقد توعدني والدي بالمقاطعة إن لم أفعل ذلك، وأهل زوجتي غير مبالين ولم يحاولوا إصلاح الأمور أبدا ولا أعلم ماذا أفعل؟ أشيروا علي بارك الله فيكم وجزاكم الله عني خير الجزاء.
عذرا للإطالة موفقين ـ بإذن الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمشكلات الأسرية والخلافات العائلية أمر عمت به البلوى، فلا يكاد يسلم منها بيت, وليس هذا في ذاته موطن إشكال، لأن طبيعة البشر الاختلاف, وإنما يقع الإشكال في كيفية التعامل مع هذه الخلافات إذ كثير من الناس يحيدون عن منهج الشرع في علاج مشكلاتهم خصوصا فيما يكون بين الزوجين وهذا ما يؤدي إلى تفاقمها وازديادها، وأنت قد غلب على ظنك أن هذه المشكلات إنما هي بسبب السحر فعليك ـ إذن ـ أن تسعى في علاج أسبابها عن طريق الرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية أرقامها: 7151، 4310، 5433 116797، ولا بأس بعرض الأمر على بعض أهل العلم والدين المتخصصين في العلاج بالرقية الشرعية ـ كما تصنع ـ دون غيرهم من السحرة والمشعوذين.

ومادامت معاملة زوجتك مع أهلك في الأصل معاملة كريمة مبنية على احترامهم والتغاضي عن هفواتهم، فما حدث منها بعد ذلك من تغير الأحوال ينبغي النظر في أسبابه ودواعيه، فقد يكون سببه بخلاف أمر السحر كثرة تتابع إيذاء أهلك لها مع احتمالها، فإن النفس البشرية لها طاقة ووسع، فإذا زاد الأمر عليها فإنها تضعف عن تحمله وتعجز عن الصبر عليه, والحل ـ حينئذ ـ أن تنصح لأهلك ـ سواء الوالدين أو غيرهما ـ أن يحسنا صحبتها ومعاملتها، فإنها بمنزلة ابنتهم، ثم تقبل على زوجتك بعد ذلك فتلزمها توقير أهلك والكف عما يثير حفيظتهم ويؤذي مشاعرهم، واحذر أن تستزلك زوجتك إلى عقوق والديك أو التفريط في حقوقهما، فإن رضاهما عنك خير لك من الدنيا وما فيها.

أما بخصوص اعتداء زوجتك على زوجة أخيك بالضرب: فهذا لا يجوز وهو من العدوان خصوصا وأنها قد حاولت تكرار ذلك في وجود أبيك وهذا ـ لا شك ـ إساءة للوالد وانتقاص لقدره وهذا مما يثير حفيظته ـ ولا شك ـ فالواجب على زوجتك أن تتوب إلى الله سبحانه مما كان منها وأن تستحل زوجة أخيك من عدوانها عليها وتعتذر لأبيك عما كان منها من إساءة له.

أما ما يطلبه منك أبواك من تطليقها عند كل خلاف: فهذا لا يجوز لهما ولا يجب عليك أن تطيعهما فيه، وليس هذا من العقوق بشرط أن تردهما في ذلك ردا جميلا لا تعنيف فيه ولا إساءة ويستثنى من ذلك ما إذا كان أمرهما لك بتطليقهما يرجع إلى سبب شرعي معتبر كعدم استقامتها مثلا وإمعانها في مخالفة أمرك أو أذيتها لهما، فحينئذ تلزمك الاستجابة لأمر والديك، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جوابا على سؤال رجل يطلب منه والده أن يطلق امرأته ما يلي: عليك إقناع والدك بعدم طلاق زوجتك، فإن أصر وجب عليك أن تطلقها إذا كان ذلك لأمر شرعي، أما إن كان أمره لك بطلاقها بغير مسوغ شرعي، فإنه لا يلزمك طاعته في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف.

والواجب عليك أن تجتهد في إرضاء والدك وطلبه السماح لعل الله أن يهديه ويسمح لك بعدم طلاقها. انتهى.

ولو استطعت استئجار بيت خاص بك وبزوجتك فهذا هو الأولى ولو أن يتم هذا بصفة مؤقتة إلى أن تهدأ النفوس وتأتلف القلوب، فإن عجزت عن هذا فاصبر على ما أنت فيه وتحمل ما يكون من والديك من هنات أو هفوات في حقك، فحقهما عليك عظيم.

واعلم أنه لا يجوز لك اتهام زوجتك بسرقة هذه الأوراق بمجرد الظن والتوهم دون أن يكون لك على ذلك حجة ظاهرة أو قرينة قوية خصوصا وأنكم في بيت مشترك لا تستقل الزوجة بالتصرف فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني