الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجرد اللون ليس مانعا من صحة الوضوء

السؤال

هناك تشققات صغيرة جدا على أطراف أصابع يدي، وهذه التشققات تصبح سوداء أو يتغير لونها من جراء لمس الأشياء، وعند غسل يدي بالماء والصابون لا تزول ولا تتنظف إلا بالفرك ـ باستخدام الليفة ـ علما بأنني عند لمس ظاهر أطراف أصابعي لا أجد هناك طبقة أو جرما يمنع وصول الماء، فهل يجب عليّ فركها والتأكد من نظافتها قبل كل وضوء؟ وهل كل ما يدخل فيها يُعد مانعا لوصول الماء ولا يصح وضوئي إلا بإزالته؟ وفي مرة مسكت رمادا لورق محترق وغسلت يدي به، ثم توضأت وأثناء الوضوء وجدت بأن الشقوق كانت سوداء أو بنية اللون، فأكملت وضوئي وقلت في نفسي هذا من أثر الرماد، والرماد لا يمنع وصول الماء فهو يزول من اليد بصب الماء عليه ودون أي جهد، وبعد انتهائي من صلاة المغرب شككت بأنه ربما كان هناك وسخ قبل لمس الرماد، وهو مما يمنع وصول الماء، وظللت حائرا أأصلي العشاء بهذا الوضوء؟ أم أنظف الشقوق وأعيد الوضوء؟ وفي النهاية رجحت أن وضوئي صحيح وصليت العشاء بنفس الوضوء ـ على أن أسألكم في اليوم التالي ـ فهل كان الأحوط بي أن أنظف الشقوق وأعيد الوضوء؟ أم ما فعلته يعد صحيحا؟ وماذا يفعل المسلم عندما تواجهه بعض الحالات التي لا يعرف الحكم فيها، وقد لا يسمح له الوقت أن يستفتي عنها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب عليك في الوضوء، هو إيصال الماء إلى باطن هذه التشققات، لأنها من ظاهر البدن، وانظر الفتوى رقم: 56622، واعلم أن الحائل الذي يمنع من وصول الماء إلى البشرة هو ما كان له جرم، وأما مجرد اللون فلا يعد حائلا، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 124350.

وبهذا تعلم أن وضوءك صحيح ما لم يوجد جرم يمنع من وصول الماء إلى البشرة وأن مجرد اللون ليس مانعا من صحة الوضوء، وأما كون الأفضل أن تحتاط في مثل هذه المسألة: فالاحتياط حسن ـ بلا شك ـ وفيه خروج من الخلاف ومجنبة للشبهات ما لم يخرج إلى حد الوسوسة والتنطع فيكون مذموما، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والاحتياط حسن ما لم يُفضِ بصاحبه إلـى مخالفـة السُّنَّة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك الاحتياط.

انتهى.

وأما ما يفعله المسلم إذا نزلت به نازلة ولم يجد من يستفتيه: فقد تكلم ابن القيم عن هذه المسألة في إعلام الموقعين فقال ما عبارته: إذا نزلت بالعامى نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها: ففيه طريقان للناس:

أحدهما: أن له حكم ما قبل الشرع على الخلاف في الحظر والاباحة والوقف، لأن عدم المرشد في حقه بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة.

والطريقة الثانية: أنه يخرج على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد هل يعمل بالأخف أوبالأشد أويتخير؟ والصواب: أنه يجب عليه أن يتقى الله ما استطاع ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله، وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة ولم يسو الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه، بحيث لا يتميز هذا من هذا، ولا بد أن تكون الفطر السليمة مائلة إلى الحق مؤثرة له، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة.

انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني