الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يف زوجها بنذره لها وبات يعزل عنها بغير إذنها

السؤال

متزوجة منذ سنة ونصف، وقبل الزواج وعدني زوجي وقال (نذرا علي سآخذك شهر العسل على العمرة ).(نذر علي عند ما أرزق بولد منك اسميه محمد)، (نذرا علي أن أعوضك عن كل الأذى الذي سببته لك في الماضي ) وبعد أن تزوجنا انقلبت حياتي وحياته إلى جحيم ولم يف بنذره، ولم نذهب شهر عسل لا إلى العمرة ولا إلى أي مكان، وأنا أحس بالضيق الشديد وأرغب في الذهاب للعمرة لأخفف عن نفسي، ودائما يهملني وينشغل عني وأحيانا أكون بحاجة لحبه وحنانه وأن أتكلم معه ويتكلم معي، وأحيانا أبدأ بالكلام معه ولا يعيرني أي اهتمام وينشغل عني بالانترنت أو التلفاز، وعندما أطلب منه الذهاب إلى مكان ما يقول لي اذهبي مع أخي فلان أو فلان بحجة عمله وهو الآن رافض الإنجاب مني ويعزل عني في كل الأيام وأنا غير راضية وأرغب في ولد. عند ما يفعل هذه الأشياء التي ذكرت أبدأ بالبكاء وأنزعج منه وأقول هذا هو التعويض الذي وعدتني به؟! لم تف بنذرك مع الله فيقول لي اذهبي لبيت أهلك وأريد أن أطلقك وأكرهك، وهو الآن ينام في غرفة ثانية وقال لي غضب الله عليك لأني قلت عندما تطلقني سيأخذ الله حقي منك وسيعاقبك على الذي سببته لي لأنك وعدتني أمام الله ولم تف بوعدك، وسبب الشجار الآن موضوع الأولاد والعزل لأنه رافض تماما.
أرجوكم أعطوني الحكم الشرعي في تصرفاته وتصرفاتي؟ أرجوكم بينوا لي وله أيضا ماذا يجب أن نفعل وهل معي حق في الانزعاج من تصرفاته أفيدوني جزاكم الله كل خير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد خالف زوجك الشرع وجانب الصواب في عدة مواطن منها:

أولا: عدم الوفاء بنذره في الذهاب بك إلى العمرة وإحسان معاشرتك، وهذا لا يجوز، لأن الوفاء بهذا النوع من النذر واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 32880، أما نذر تسمية الولد باسم معين فلا يجب الوفاء به على الراجح من كلام أهل العلم كما بيناه في الفتوى رقم: 20047.

ثانيا: العزل عنك دون إذنك وهذا لا يجوز.

قال ابن قدامة في المغني: ولأن لها الزوجة في الولد حقا وعليها في العزل ضررا، فلم يجز إلا بإذنها. انتهى. وقال صاحب كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها، لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.

وقد بينا هذا في الفتويين: 41441، 118433.

ثالثا: اقتراحه عليك أن تذهبي لقضاء مصالحك بصحبة أخيه وهذا منكر لأن أخاه أجنبي عنك لا يجوز لك الخلوة به ولا الانبساط معه في المعاملة، بل حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقارب الزوج تحذيرا خاصا بقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل: من الأنصار: يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.

قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم، وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.

والذي ننصحك به هو أن تقبلي عليه فتذكريه بالله سبحانه بأسلوب لين رفيق، وتعلميه أن الشريعة المطهرة كفلت للمرأة حقها في الإنجاب وأنه لا يجوز له أن يمنعك من ذلك ولا أن يعزل عنك دون إذنك، فإن أصر على موقفه فيمكنك أن تستعيني عليه بمن يملك التأثير عليه من أقاربه وذوي رحمه أوبعض أهل العلم والخير، فإن لم يستجب لك فلا حرج عليك حينئذ في طلب الطلاق منه إن أردت وإن كنا ننصح بعدم التعجل في أمر الطلاق لما يترتب عليه من مفاسد كبيرة، أما بخصوص النذر فعليك أن تعلميه بوجوب الوفاء به شرعا فإن لم يستجب فاتركيه وشأنه وحسابه في ذلك على ربه جل وعلا، واحذري أن تتخذي من هذا سببا للتنغيص عليه أو تبكتيه فإن هذا سبب عظيم لفساد ذات بينكما.

وراجعي حقوق كل واحد من الزوجين على صاحبه في الفتوى رقم: 27662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني