الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال تقدم طاعة الوالد على طاعة الزوج

السؤال

أختي طلبت الطلاق من زوجها، ولجأت إلى أبي ليساعدها بحجة أن زوجها أجبرها وأغواها على خلع الحجاب والذهاب إلى المراقص والشرب، وطلب منها المشاركة في نواد جنسية لا تمت للإسلام بصلة، فاستجاب أبي لطلبها وعفا عنها وأكبرها، لأنها لجأت إليه نادمة تائبة، وسعى في طلب الطلاق من زوجها ـ الذي يسكن في دولة أخرى الآن، والذي تركها منذ سنة هي وابنتيها بلا مصروف أو سؤال عنهن، مع أن حالته المادية ميسورة ـ وتطورت الأمور عندما علم برغبتها في الطلاق فطلقها مرة واحدة، ثم سعى بعد ذلك بكل قوته لإقناعها بالعدول عن الطلاق، فوجئنا أن أختي غيرت رأيها وعدلت عن الطلاق، وعزمت على الرجوع بحجة أنه زوجها وأنه تاب، وطاعته واجبة عليها، بالرغم من أن أبي خيرها: إما أن يغضب عليها، وإما أن تترك زوجها، فاختارت العودة بالرغم من غضب أبيها، بحجة أن الإسلام يضع طاعة الزوج فوق طاعة الوالدين، فهل هذا صحيح؟ وهل أختي على حق؟ وهل عليها طاعة أبي أم لا؟، مع العلم أن أختي ـ فجأة ـ أصبحت تخفي عنا أنها تتكلم مع زوجها السابق وكذبت علينا وأخفت قرارها كما واستقبلته ـ دون علمنا ـ في بيتها خفية، فما حكم العودة لزوج كهذا؟ وهل على أبي من حرج في رفضه لرجوعها إليه، لأنه يخاف على شرفها وعلى الابنتين مع العلم بأننا نعيش في دولة غربية غير مسلمة؟.
أفيدونا، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعموما: المرأة إذا أصبحت ذات زوج كان زوجها أملك لها من أبويها، وطاعتها له مقدمة على طاعة أبويها.

وأما بخصوص مسألة أختك هذه: فالأمر فيه تفصيل: فإن كانت لا تزال في عدتها من زوجها، فإن زوجها يملك رجعتها ـ ولو لم يرض أبوها ـ قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا {البقرة:228}. فدلت هذه الآية على أن الرجعة في العدة حق للزوج.

وإذا كانت عدتها قد انقضت، ولم يكن هنالك مسوغ لأبيها في منعها الرجوع لزوجها ـ بأن كان قد صلح حال زوجها مثلاً ـ فمن حقها ـ حينئذ ـ الرجوع لزوجها ـ ولو لم يكن أبوها راغباً ـ وعليه أن لا يحول بينها وبين الرجوع، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:232}.

وينبغي أن ينصح أبوك بعدم التعنت، فرجوعها لزوجها أصلح لها ولأولادها، لأن فراق الزوجين له آثاره السلبية على الأولاد، ولكن لا بد من عقد جديد بإذن وليها.

وأما إن كان زوجها على ذلك الحال من الفسق، وامتنع أبوها من رجعتها إلى زوجها لأجل ذلك، فإنها تجب عليها طاعة أبيها، لأنها من الطاعة في المعروف، ولا خير في البقاء مع زوج يدعو إلى الفجور ويروجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني