الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى أن يقال مطرنا بنوء كذا.
والناس عندنا إذا هطلت الأمطار قالوا: صبت النو ـ هكذا كأنه نوء حذفت همزته، ولا أدري ما أصل هذه الكلمة؟ وهل قولهم هذا داخل في النهي أم لا؟.
أفتونا مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي عرفناه بعد السؤال أن من يقول ذلك عندكم إنما يعني بالنو المزن أو المطر، ولا يريد بذلك الاستسقاء بالنجوم أصلاً، فإن كان كذلك، فلا حرج على قائل ذلك، لأنه عندئذ لم يستسق بالنجوم، وقد رخصوا في ما هو أقرب من هذا للنهي المنصوص عليه في الاستسقاء بالأنواء، قال ابن الأثير في النهاية: إنما غلظ النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الأنواء، لأن العرب كانت تنسب المطر إليها، فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى وأراد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي في وقت كذا، وهو هذا النوء الفلاني، فإن ذلك جائز أي أن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات. انتهى.

ونقل أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة عن أبي إسحاق الزجاج نحو ذلك، فقال: من قال مُطرنا بنوء كذا وكذا ولم يُرد ذلك المعنى ومراده: أنا مطرنا في هذا الوقت، ولم يقصد إلى فعل النجم، فذلك ـ والله أعلم ـ جائز، كما جاء عن عمر أنه استسقى بالمصلى ثم نادى العباس: كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعاً بعد وقوعها، فوالله ما مضت تلك السبع حتى غيث الناس، فإنما أراد: كم بقي من الوقت الذي جرت به العادة أنه إذا تم أتى الله بالمطر؟. انتهى.

وأما استعمال كلمة ـ النو ـ مخففة من ـ النوء ـ بمعنى النجوم، فلا يجوز إضافة المطر إليها، لأنها من ألفاظ الجاهلية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام: النياحة والاستسقاء بالأنواء. رواه أحمد، وصححه الألباني.

قال ابن حجر: أي يقولون: ممطرنا بنوء كذا. انتهى.

وقد سبق لنا بيان حكم هذه الكلمة في الفتوى رقم: 73479.

ثم اعلم أن من يطلق هذه الكلمة يريد بها ـ غالباً ـ أحد ثلاث معان، قال الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب التوحيد: نسبة المطر إلى النوء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- نسبة إيجاد، وهذه شرك أكبر.

2- نسبة سبب، وهذه شرك أصغر.

3- نسبة وقت، وهذه جائزة، بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي جاءنا المطر في هذا النوء، أي في وقته. ولهذا قال العلماء: يحرم أن يقول مطرنا بنوء كذا، ويجوز: مطرنا في نوء كذا، وفرقوا بينهما أن الباء للسببية وفي للظرفية. انتهى.

وقال الإمام البغوي في شرح السنة: أصل النوء هو النهوض، سمي نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ينوء نوءاً، وذلك النهوض، وقد يكون النوء للسقوط، وكانت العرب تقول في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر: لا بد من أن يكون عند ذلك مطر، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم فيقولون: مطرنا بنوء كذا، وهذا التغليظ فيمن يرى ذلك من فعل النجم، فأما من قال: مطرنا بنوء كذا، وأراد سقانا الله تعالى بفضله في هذا الوقت فذلك جائز. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني