الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إنهاء الخطبة الأولى بالاستغفار والأمر به والدعاء بين الخطبيتن

السؤال

عند قول الإمام في نهاية الخطبة الأولى يوم الجمعه: أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم. ما حكم الزياده في قوله: وأنتم يا فوز المستغفرين استغفروا الله.؟ وهل يجوز للمصلين الاستغفار في هذا الموضع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالاستغفار من أجلِّ القربات وأعظم الطاعات، وقد علمنا الله تعالى أن نختم كثيرا من الأعمال الصالحة بالاستغفار. كما قال تعالى: كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ*وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. {الذاريات:18،17 }. وقال تعالى: ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. { البقرة:199}.

وشواهد هذا كثيرة، وعليه فلا بأس باختتام الخطبة بالاستغفار أحيانا، وقد جرت به عادة كثير من الخطباء واستحبه كثير من أهل العلم.

قال الشيخ العثيمين في لقاء الباب المفتوح: ولا حرج على الإنسان أن يزيد شيئاً لكن لا بقصد التعبد لله بذلك، ولكن من باب: الدعاء مفتوح، مثل: أستغفر الله وأتوب إليه من كل ذنب وما أشبه ذلك، وقد كان الخطباء يقولون على المنابر: أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. انتهى.

وبه تعلم أن الخطيب لو أنهى الخطبة الأولى بالاستغفار والأمر به في بعض الأحيان لم يكن بذلك بأس، ولكن لا ينبغي المواظبة على هذا لئلا يعتقد الناس أنه من السنة.

يقول الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم حفظه الله: إن المتتبع لكثير من خطباء المسلمين اليوم ليكاد يجدهم متفقين على التزام بعض الألفاظ في الخطب على الديمومة، وقلَّ أن يتركوا هذه العادة، بل ربما ظن كثير من العامة أن مثل هذه الألفاظ يعد من صلب الخطبة، أو أن الخطبة تكون ناقصة من دون إيرادها، أو أن يحصل النكير من بعض العامة إذا تركت، وما ذاك إلا لكثرة مداومة الخطباء عليها، وأذكر على سبيل المثال بعض الألفاظ كقولهم مثلاً : اختتام آخر الخطبة الأولى بآية، وقبل أن يختم بهذه الآية يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، في حين أنه لا يستعيذ بالله في إيراد غيرها من الآيات .

المواظبة على ختم الخطبة بقول بعضهم : أقول قولي هذا وأستغفر الله... الخ. وإن كان بعض أهل العلم يذكرها في كتبهم إلا أنه لا دليل على ما ذكروه ، فمن ذلك ما قاله البغوي: ويستحب أن يختم خطبته بقوله : أستغفر الله لي ولكم . وبمثل ذلك قال النووي. انظر التهذيب ، والمجموع. انتهى.

وأما استغفار المأمومين بين الخطبتين فهو حسن فإن هذه ساعة ترجى فيها إجابة الدعاء، فللمأموم أن يستغفر الله تعالى أو يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المشروع بعد دخول الإمام أن يستمع الناس إلى الخطبة وأن يتابعوا إمامهم، وبين الخطبتين أن ينتظروا الإمام في الخطبة الثانية، وإن دعوا بين الخطبتين بدعاء يختارونه فهذا حسن، لأن هذا الوقت من الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء، فإن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله تعالى ما دعا به. انتهى.

وقال أيضا رحمه الله: ليس هناك ذكر مخصوص أو دعاء مخصوص لكن يدعو الإنسان بما أحب وذلك لأن هذا الوقت وقت إجابة فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر (أن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه). وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى أنها (ما بين خروج الإمام -يعني دخوله المسجد- إلى أن تقضى الصلاة) فهذا الوقت وقت إجابة فينبغي للإنسان أن يستغل الفرصة بالدعاء بين الخطبتين بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وكذلك يقال بالنسبة للإمام إنه يدعو بين الخطبتين لكن دعاءً سريا بما يريده من أمر الدنيا والآخرة. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني