الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته في حيضها ثم قال لها أنت محرمة علي كأمي

السؤال

زوج طلق زوجته وقال لها أنت طالق، وبعد دقائق قال لها أنت محرمة علي مثل حرمة أمي علي، وكانت حائضا وهو لا يدري، وبعد 15 يوما راجعها وجامعها بفتوى أن الطلاق والظهار لا يقعان أثناء الحيض. فهل فعلهما صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطلاق أثناء الحيض نافذ عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية لا يقع لكونه طلاقا بدعيا محرما. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 110547.

ولا إثم على الزوج في التطليق أثناء الحيض طالما أنه لم يكن عالما بالحيض لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5}

وقوله بعد الطلاق : [محرمة عليَّ مثل حرمة أمي ] إن قصد به الظهار فهو ظهار، وإن قصد الطلاق كان طلاقا، إن سبقه أقل من ثلاث، وإن قصد اليمين بالله تعالى أو لم يقصد شيئا لزمته كفارة يمين. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 112774.

وإن قصد الزوج الظهار فهو نافذ ولا يعتبر الحيض مانعا من وجوده فلم نقف على من قال بذلك. وإليك بعض كلام أهل العلم في المسألة.

قال المواق المالكي في التاج والإكليل: ابن الحاجب : يصح ظهار الرجعية . ومن في المدونة: من ظاهر من امرأته وهي حرة أو أمة أو صغيرة أو محرمة أو حائض أو رتقاء أو كتابية لزمه وكفارته منهن سواء. انتهى

وفي أسني المطالب ممزوجا بروض الطالب لزكريا الأنصاري الشافعي : ( و ) إنما يصح ( في امرأة يصح طلاقها ولو صغيرة ورتقاء ) وكافرة وحائضا ومعتدة عن شبهة ورجعية وأمة. انتهى

وفي الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي: يصح الظهار من الصغيرة والرتقاء والقرناء والحائض والنفساء والمجنونة وغير المدخول بها كذا في غاية السروجي . انتهى.

وفي كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي:( وإن قال ذلك ) أي أنت علي حرام ( لمحرمة عليه بحيض أو نحوه ) كنفاس أو إحرام ( ونوى الظهار فظهار ) لأن اللفظ يصلح له. انتهى.

والطلاق إذا كان رجعيا فإنه ليس مانعا من الظهار لأن الرجعية كالزوجة يصح ظهارها. وعلى مذهب الجمهور من وقوع الطلاق على الحائض كما تقدم في صدر الفتوى فله مراجعة زوجته قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.

لكن لا يجوز له معاشرتها قبل إخراج كفارة الظهار، إن كان واقعا قال ابن قدامة في المغني: إذا طلق مَن ظاهر منها , ثم تزوجها , لم يحل له وطؤها حتى يكفر . سواء كان الطلاق ثلاثا , أو أقل منه . وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر , أو قبله . نص عليه أحمد . وهو قول عطاء , والحسن , والزهري , والنخعى , ومالك وأبي عبيد. انتهى

وكفارة الظهار تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192 كما تقدم تفصيل كفارة اليمين وذلك في الفتوى رقم: 26595.

وأخيرا، فإن كان الزوج المذكور قد قلد من أفتاه بمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم في شأن عدم وقوع طلاق الحائض فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى، ولا داعي لمراجعة زوجته لعدم وقوع الطلاق أصلا بخلاف ما إذا كان المستفتى غير مؤهل للفتوى. وراجع أيضا الفتوى رقم: 100896.

وفي هذه الحالة تبقى عليه الكفارة فلا بد من إخراجها على كل حال هذا إن كان قصد الظهار بقوله كما تقدم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني