الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الأهل والفرار منهم خوف الفتنة في الدين

السؤال

هذه الرسالة عاجلة والرد عليها ضروري جدا. والداي لم يصليا الزمان الطويل، لم يدفعا الزكاة زمنا أطول، ووالدتي لم تصم من ٣٠سنة أو يزيد، والوالد يرتكب الكبائر. هداني الله في انجلترا، وبدأت أعجب بالإسلام، وبالمنهج السلفي وبفضل الله استمسكت به.الآن رجعت إلى العراق تحقيقا لرغبتهم . الأهل يرون أنني مجنون لأجل ما يلي:- أني أغض بصري في المجالس عندما توجد امرأة متبرجة أو كاشفة لأجزاء من جسدها، وإن كانت بنت عمي.-أني لا أريد أن أستمع للأغاني.-أني أعفيت لحيتي.-أحاول قدر المستطاع أن لا آكل أو أختلط بالمرتدين والملاحدة وأصحاب الكبائر المصرين عليها من أهلي بعد أن رأيت فتاوى لابن عثيمين رحمه الله يقول فيها بهجر هذه الفئات خاصة أني وعظتهم لكنهم لا يتعظون.-أحاول أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر في المجالس. وأيضا أحاول أن أدرس العلم الشرعي لأن قلبي قسا بعدما رجعت العراق.هم ذهبوا إلى الطبيب وهو من الذين ينكرون السحر والجن ولم يأخذوني إليه.أنا قلت لهم أنا أيضا طبيب وأنتم أيضا أطباء تعالوا نعرض أفعالنا على القرآن والسنة. فلم يرضوا بأي دليل أتيت به بل و كذبوه وقالوا هذا لا يصلح لزماننا وقالوا هذا بمفهومك وليس بمفهوم أحد الآن
يحقنوني بالإبر بالقوة وأنا لست راض؛ لأنهم أصروا على أني مريض نفسيا للأسباب التي ذكرت آنفا.
السؤال ها هنا: هل أستطيع أن أهجر أهلي درءا للمفسدة الحاصلة من وراء بقائي مع أهلي. لأني أخاف أن أرجع إلى ما هم عليه الآن وأين أذهب؟ وهل أستطيع أن أتزوج من وراء أهلي ولأجل الله عز و جل ولكي أهجر بلادي.و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن فضل الله عليك أن من عليك بالهداية والحرص على طاعته، وتلك أعظم نعمة في الدنيا، فعليك أن تشكر الله قلبا وعملاً ولساناً، وتحافظ على دينك وتقدمه على كل ما سواه من ولد وأهل ومال، فلا يجوز لك طاعة والديك في التخلي عن الواجبات الشرعية أو الوقوع في الأمور المخالفة للشرع، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والذي ننصحك به أن تبذل جهدك في سبيل إصلاح والديك بالحكمة والموعظة الحسنة، وتبين لهم خطر ما هم عليه، ولا سيما ترك الصلاة، فإن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، وتركها جحوداً يخرج من الملة، وتركها تكاسلاً قد عده بعض العلماء كفراً مخرجاً من الملة، ولمعرفة ما يعين على المحافظة على الصلاة، راجع الفتوى رقم: 3830.

ويمكنك الاستعانة في ذلك بإهداء بعض الأشرطة أو الكتب أو التوجيه للمواعظ والدروس بالمساجد أو البرامج التي تبث على القنوات الفضائية، مع الحرص على معاملتهم بخلق طيب والإحسان إليهم والدعاء لهم مع عدم تعجل النتيجة.

أما إذا كان في بقائك معهم ضرر على دينك فعليك الفرار إلى مكان تقدر فيه على المحافظة على دينك، ولا مانع من زواجك دون علم أهلك، ولا مانع أيضاً من كون الزواج وسيلة للهجرة من بلدك، ما دام الزواج مستكملاً شروطه وأركانه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 1766.

لكن عليك بكل حال مداومة بر والديك، فإن حقهما في البر لا يسقط، فقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14}، وأبشر خيراً ولا تخف ما دمت مستقيماً على طاعة الله معتصماً به فلن يضيعك أبداً، قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني