الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل ينفي الحرج عن الأفراد

السؤال

أذكر أن أحد المعلمين الذين درست على أيديهم قبل سنوات عديدة, قال إن من مزايا وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنها تُسقط الإثم عنا نحن العامة. فإن صدق في كلامه فهذه والله نعمة عظيمة ووالله إنه خبر ٌ مفرح لنا, لأننا مقصرون كثيراً في هذا الجانب.
سؤالي هو: هل يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ظل وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الكفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، إذا أدى المطلوب وعمله، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه ولم يؤده بلا عذر ولا خوف كما قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف، قال العلماء رضي الله عنهم: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول. اهـ.

وقال في الروضة: للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بفرض العين من حيث إنه أسقط الحرج عن نفسه وعن المسلمين، وقد قال إمام الحرمين في كتابه الغياثي: الذي أراه أن القيام بفرض الكفاية أفضل من فرض العين لأنه لو ترك المتعين اختص هو بالإثم ولو فعله اختص بسقوط الفرض، وفرض الكفاية لو تركه أثم الجميع، وفرض الكفاية لو فعله سقط الحرج عن الجميع، وفاعله ساع في صيانة الأمة عن المأثم، ولا يشك في رجحان من حل المسلمين أجمعين في القيام بمهم من مهمات الدين. اهـ.

وبناء عليه يعلم أهمية ما تقوم به الهيئة ويسقط الإثم عن الجميع فيما إذا قامت الهيئة بالواجب المطلوب حصوله، وإن لم تقم الهيئة بالواجب كأن لم تعلم الهيئة بالسبب الموجب للأمر والنهي فلا يسقط الإثم عمن علم ذلك ولم يقم به، فلو قصر العيال مثلا في الأوامر الشرعية واقترفوا شيئا من المعاصي فإن الوالدين العالمين بذلك يلزمهما الأمر والنهي ولا يكفيهما مجرد وجود الهيئة إذ قد لا يعلم بذلك ولا تتدخل لأداء الواجب فيه. وراجع كلام النووي السابق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني