الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثواب من سبح الله مائة تسبيحة وتحميدة وتكبيرة

السؤال

هل هذا الحديث صحيح ؟
عن أم هاني رضي الله عنها قالت: مّر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كبرت وضعفت أو كما قالت. فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال : سبحي الله مئة تسبيحة ؛ فإنها تعدل لك مئة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلّدة متقبلة، وهللي الله مائة تهليلة. قال أبو خلف: أحسبه قال : تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت. رواه أحمد و ابن ماجه.
مع العلم أن هذا الحديث صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 1316 وفي صحيح الترغيب والترهيب برقم: 1553.
فهل هذا الحديث صحيح وهل يُعمل به؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا الحديث حسنه جمع من أهل العلم ولا حرج في العمل به، فقد حسنه المنذري والهيثمي والألباني ونقل السيوطي عن الحاكم تصحيحه ولا نعلم عن الألباني أنه صححه، فقد قال فيه المنذري في الترغيب: رواه أحمد بإسناد حسن. اهـ.

وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير وفي الأوسط وأسانيدهم حسنة.

وقد ضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند فقال: إسناده ضعيف لضعف أبي صالح وهو باذام ويقال: باذان مولى أم هانيء. اهـ.

وقد وافقه الألباني في ضعيف الجامع ثم رجع عن ذلك وحسن الحديث في السلسة ورجح أن أبا صالح هو ذكوان السمان وذكوان من رجال الشيخين.

قال الألباني في السلسلة الصحيحة: أخرجه أحمد (6/344) والبيهقي في شعب الإيمان (1/379 - 380) من طريق سعيد بن سليمان قال: حدثنا موسى بن خلف قال: حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هاني بنت أبي طالب قال: قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله؛ إني قد كبرت وضعفت أو كما قالت فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات.... وأما أبو صالح فهو ذكوان السمان الزيات، وكنت قديما قد سبق إلى وهلي أنه أبو صالح باذان مولى أم هاني، فأوردت الحديث من أجل ذلك في ضعيف الجامع الصغير برقم ( 3234 )، فمن كان عنده فليتبين هذا، ولينقله إلى صحيح الجامع إذا كان عنده رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286}. اهـ

ثم إنه يشهد له ما رواه أبو داود وابن ماجه عن محمد بن عقبة بن أبي مالك عن أم هانئ قالت: أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله دلني على عمل فإني قد كبرت وضعفت وبدنت فقال: كبري الله مائة مرة، واحمدي الله مائة مرة، وسبحي الله مائة مرة خير من مائة فرس ملجم مسرج في سبيل الله، وخير من مائة بدنة، وخير من مائة رقبة. اهـ. والحديث حسنه الألباني في تحقيق سنن ابن ماجه.

ومما يدل لإمكان العمل به كونه بوب على الترغيب فيه أهل العلم فقد بوب عليه النسائي في عمل اليوم والليلة فقال: ثواب من سبح الله مائة تسبيحة وتحميدة وتكبيرة. ويضاف إلى هذا ما ثبت في الأحاديث من فضائل هؤلاء الكلمات، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله تعالى أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.

وفي المسند، وسنن الترمذي، ومستدرك الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر. حسنه الترمذي، وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وحسنه الألباني.

وفي الحديث: إن الله اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فمن قال سبحان الله كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة. قال المنذري في الترغيب: رواه أحمد وابن أبي الدنيا والنسائي واللفظ له والحاكم بنحوه وقال: صحيح على شرط مسلم. وقد صحح الحديث الألباني.

وفي الحديث: خذوا جنتكم، قلنا: يا رسول الله من عدو قد حضر! قال: لا، بل جنتكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة منجيات ومقدمات، وهن الباقيات الصالحات. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وصححه العلامة الألباني يرحمه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني