الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تصح الصلاة إذا تجاوز الخارج موضع النجاسة واستنجى بالحجارة

السؤال

هل إذا تعدى الخارج من السبيلين (البول أو البراز) موضع الخروج وجب الغسل بالماء لما تعدى إليه ؟ ولا يجزىء المسح، ومن لم يغسل فصلاته باطلة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد نص فقهاء الحنابلة على أن الخارج إذا تعدى موضع العادة وجب استعمال الماء في المتجاوز ولم يجز الاستجمار فيه؛ لأن الاستجمار رخصة فقدرت بموضع العادة، ولا يتجاوز بها هذا القدر لكونه خلاف الأصل، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية من الحنابلة إلى أن الخارج إذا تجاوز موضع العادة أجزأ فيه الاستجمار أيضا؛ لأنه ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم تقدير في ذلك. ففي الروض مع حاشيته: إن لم يعد أي يتجاوز الخارج موضع العادة مثل أن ينتشر الخارج على شيء من الصفحة أو يمتد إلى الحشفة امتدادا غير معتاد فلا يجزئ فيه إلا الماء للمتعدي فقط، لأن الأصل وجوب إزالة النجاسة بالماء، وإنما رخص في الاستجمار لتكرر النجاسة على المحل المعتاد فإذا جاوزه خرج عن حد الرخصة وحده الشيخ: بأن ينتشر الغائط إلى نصف باطن الألية فأكثر، والبول إلى نصف الحشفة فأكثر، وإذًا يتعين الماء، وصرح به ابن عقيل وغيره، وفي الاختيارات ويجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين لعموم الأدلة، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك تقدير. انتهى

ومذهب الشافعية في هذه المسألة أوسع من مذهب الحنابلة، فالأظهر عندهم أن الخارج إذا جاوز إلى الصفحة أو إلى الحشفة جاز فيه الحجر؛ لأنه مما تعم به البلوى ويشق منه الاحتراز، وأما إذا تجاوز الغائط الصفحة أو البول الحشفة وجب الماء في الجميع، قال الخطيب الشربيني رحمه الله في شرح المنهاج: ( ولو ندر ) الخارج كالدم والودي والمذي ( أو انتشر فوق العادة ) أي عادة الناس وقيل عادة نفسه ( ولم يجاوز ) في الغائط ( صفحته ) وهو ما انضم من الأليين عند القيام. ( وحشفته ) وهي ما فوق الختان أو قدرها من مقطوعها كما قاله الإسنوي في البول ( جاز الحجر ) وما في معناه ( في الأظهر ) في ذلك أما النادر فلأن انقسام الخارج إلى معتاد ونادر مما يتكرر ويعسر البحث عنه فأنيط الحكم بالمخرج.

والثاني لا يجوز بل يتعين الماء فيه لأن الاقتصار على الحجر على خلاف القياس ورد فيما تعم فيه البلوى فلا يلتحق به غيره.

وأما المنتشر فوق العادة فلعسر الاحتراز عنه ولما صح أن المهاجرين أكلوا التمر لما هاجروا ولم يكن ذلك عادتهم وهو مما يرق البطون ومن رق بطنه انتشر ما يخرج منه ومع ذلك لم يؤمروا بالاستنجاء بالماء ولأن ذلك يتعذر ضبطه فنيط الحكم بالصفحة والحشفة أو ما يقوم مقامهما.

فإن جاوز الخارج ما ذكر مع الاتصال لم يجز الحجر لا في المجاوز ولا في غيره لخروجه عما تعم به البلوى انتهى.

وبناء على ما مر فإن من قال من العلماء بتعين الماء إذا تجاوز الخارج موضع العادة فإنه يرى عدم صحة استنجاء من اقتصر على الحجر في هذه الحال، ومن ثم فإنه إن صلى والحال ما ذكر صلى متلبسا بالنجاسة غير المعفو عنها فلم تصح صلاته، ولعل مذهب الشافعية من كون الحجر يجزئ وإن تجاوز الخارج موضع العادة ما لم يجاوز الحشفة أو الصفحةأرجح لقوة تعليله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني