الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الهجر بلا سبب شرعي من الضرر بالزوجة.

السؤال

ما حكم من يريد أن يتزوج بثانية وهو لا يأتي أهله كل شهر إلا مرة أو على الأقل في أسبوعين، ويهجرها لأتفه الأسباب وإذا قالت له بأن الهجر يكون بعذر شرعي يقول إن أي خطأ يندرج تحت طاعة الزوج، مع العلم أنها تطلب رضاه حتى لا يغضب عليها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا حرج على الرجل في الزواج من ثانية، فقد قال الله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً. {النساء: من الآية3}. وانظري الفتوى رقم: 94092 .

وأما هجر الزوجة فهو ممنوع لغير سبب، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن: التقاطع والتدابر والتباغض ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله.

وقال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.

فلا يجوز التقاطع بين الزوجين وقد أمرهما الله عز وجل بالمعاشرة بالمعروف، ويشتد الأمر إذا أدى ذلك التقاطع إلى الهجر المحرم فوق ثلاث، كما سبق في الحديث.. فقد عد أهل العلم الهجر بلا سبب شرعي من الضرر بالزوجة.

ففي شرح الدردير للمختصر : (ولها) أي للزوجة (التطليق) على الزوج (بالضرر) وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي. اهـ.

وكذا يمنع عدم إتيان الزوجة إذا أدى لتضييع حقها في الفراش، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الرجل يترك وطء زوجته الشهر والشهرين فهل عليه إثم؟ فقال: يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصح القولين. والله أعلم. مجموع الفتاوى.

وبناء عليه؛ فننصح الزوج بأن يرعى زوجته ويقوم بحقها ويراعي مشاعرها، وليتأمل الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك متبذلة؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. قال فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما فقال كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان قم الآن فقاما فصليا فقال: إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولضيفك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له صدق سلمان. قال الترمذي: هذا حديث صحيح.

وكذلك الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن معظون فجاءه فقال: يا عثمان أرغبت عن سنتي؟ قال: لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب. قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء. فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لنفسك عليك حقا فصم وأفطر وصل ونم.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يقوموا بحقوق زوجاتهم مع أنهم مشغولون بأنواع من الطاعات، فكيف بمن يفرط في حق أهله وهو ينشغل بأمور مباحة أو أمور محرمة والعياذ بالله تعالى.

ونصيحتنا لتلك الأخت الكريمة أن تصبر وتحتسب وتحسن التبعل لزوجها، فقد يكون إعراضه عنها لعدم حسن تبعلها وعنايتها بنفسها أو إغلاظها له في القول، فينبغي أن تتزين له لتجذب انتباهه إليها بوسائل الزينة المباحة شرعاً، وتتلطف معه في القول وتنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، كما ننصحها بالنظر في الفتوى رقم: 24138.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني