الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين حق الزوجة والبر بالأم

السؤال

متزوج حديثا، وكانت أمي تعيش معنا، ثم حدث خلاف بينها وبين زوجتي فتركت أمي البيت وهي مسنة ومريضة، وليس لها أحد سواي أنا وأخي المتزوج، وهي ترفض أن تعيش معه وتريد أن تعيش معي، وزوجتي ترفض أن تعيش معها ثانية، مع أن أمي لا تمارس عليها أعمال الحماة، فزوجتي تكبر المواضيع بشكل كبير، فمثلا: تأخرنا يوما في الخارج، ولما عدنا فأمي غضبت مني، لأننا تركناها وحيدة فترة طويلة، فما كان من زوجتي إلا أن غضبت وطلبت الطلاق، وقالت إن أمي تريد أن تتحكم فيها ولا تريدها أن تذهب عند أمها، وأنا في حيرة من أمري، ولا أعرف كيف أصلح الأمور بينهما، فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الأم عظيم، وبرها من أوجب الواجبات، وأعظم القربات، ومن أكبر أسباب رضا الله سبحانه، ولا سيما حال ضعفها ومرضها وكبرها، وقد قال الله عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. { الإسراء: 22ـ 24 }.

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت يا رسول الله: من أبر؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما، فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

لكن يبقى ـ أيضا ـ أن للزوجة حقوقا على زوجها بمقتضى عقد الزواج الذي سماه الله ميثاقا غليظا، ومن هذه الحقوق إسكانها في مسكن مستقل، كما بيناه في الفتوى رقم: 34802

وبناء عليه، فلا يجوز للزوج أن يسكن أحدا في بيتها على سبيل الإقامة إلا بعد رضا الزوجة، فإن فعل فإنه يجوز لزوجته حينئذ أن تمتنع من مساكنته في هذا المسكن، كما قال العلامة خليل المالكي في مختصره: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. هـ.

ومن هنا يعلم أنه لا يحق لك إجبار زوجتك على مساكنة أمك لها في مسكنها، ولكن يبقى باب الرفق والتلطف والتذكير بالبر والإحسان، وذلك بأن تقبل على زوجك فتذكرها بحق أمك عليك، وأن عليها أن تكون عونا لك على ذلك، وتعلمها أن ببركة برك بأمك سيفتح الله عليكم أبواب رحمته ورزقه ورضوانه وسيرزقكم ـ إن شاء ـ بر أبنائكم بكم، فإن رفضت زوجتك فعليك حينئذ أن تنظر في إسكان أمك بالقرب منك، بحيث تقدر على رعايتها دائما، وإن كان البيت واسعا فيمكنك أن تفصل لزوجتك مكانا مستقلا بها بمرافقه، فإن المسكن المستقل يتحقق بذلك وتجعل لأمك موضعا مستقلا بها ـ أيضا.

ونوصيك بالاستعانة بالله سبحانه والتضرع إليه أن يصلح الله ذات بينكم، ويؤلف بين قلب أمك وزوجك.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني