الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فظيلة الشيخ منذ ثلاثة عشرة سنة تقريبا سرقت قطعة ذهب وبعتها بسعر الذهب حينئذ، والآن يختلف سعر الذهب فارتفع سعره جدا. كيف أرجع هذا المال لصاحبه هل أعطيه إياه بالسعر الذي قبضته أم بسعر يومنا هذا؟ وللعلم أنا لا أعرف كم تزن تلك القطعة الذهبية، الذي أعرفه هو أني قبضت 200 دولار بدون ما أعرف كم تزن وكم كان يساوي الذهب . هل أرجع هذا المبلغ لصاحبه بدلا من الذهب أم هناك كلام آخر افيدوني؟ وللعلم أنا أريد أن أتبرع به باسمه لأنه من العائلة وأخجل أن يعرف عني أني سرقته يوما ما وهذا يسبب لي حرجا كبيرا . وما الحل في هذا أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسرقة من أعظم المنكرات، ومن كبائر الذنوب، ومن هنا فقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. { المائدة:38}.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.

لكن من استتر بستر الله عليه ولم يفضح نفسه بالكشف عما ألم به فذلك هو الأولى لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها ، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى ، وليتب إلى الله تعالى ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله . رواه الحاكم من حديث ابن عمر ، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم .

فتب إلى الله توبة نصوحا واستغفره مما كان منك من سرقة ذلك الذهب وأكثر من الأعمال الصالحة، واعقد العزم ألا تعود إلى مثل ذلك الفعل ومن تاب تاب الله عليه. لكن لا بد في التوبة هنا من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه، والقاعدة الشرعية فيما اعتدي عليه وأتلف من حق الغير بغصب أوسرقة ونحوها أن المثلي يضمن بمثله والمتقوم يضمن بقيمته لا بسعره.

جاء في الموسوعة الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في وجوب رد المسروق إن كان قائما إلى من سرق منه، سواء كان السارق موسرا أو معسرا، وسواء أقيم عليه الحد أو لم يقم، وسواء وجد المسروق عنده أو عند غيره لما روي من أن الرسول صلى الله عليه وسلم رد على صفوان رداءه وقطع سارقه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

ولا خلاف بينهم كذلك في وجوب ضمان المسروق إذا تلف ولم يقم الحد على السارق، لسبب يمنع القطع كأخذ المال من غير حرز أو كان دون النصاب أو قامت شبهة تدرأ الحد، أو نحو ذلك وحينئذ يجب على السارق أن يرد المسروق – إن كان مثليا – وقيمة، إن كان قيميا. اهـ.

وعليه؛ فإذا كان المسروق قطعة ذهب غير مصوغة فترد مثلها من الوزن، وإن كانت مصوغة حليا فترد قيمتها يوم التعدي.

وإن كنت لا تعلم مقدار الذهب كما ذكرت فيمكنك الاحتياط في ذلك حتى تعلم يقينا أن ما سرقته مقداره كذا وكذا ويلزمك أن ترد الحق إلى صاحبه ولا يجزئك التبرع بها عنه مادام الوصول إليه ممكنا، لكن لا يجب عليك أن تخبره بالسرقة ولك أن تحتال حتى توصل إليه حقه بما تستطيع من الوسائل غير المباشرة إذ المعتبر هو وصول الحق إلى صاحبه فحسب . وانظر الفتويين: 95304، 23322

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني