الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التسمية بأسماء سور القرآن

السؤال

اسمي: براءة أبلغ من العمر: 23 سنة، واكتشفت ـ بالصدفة ـ عن طريق موقعكم أن التسمي باسمي غير جائز مع أنني أعلم أن معناها الطفولة، فهل ينبغي أن أقوم بتغييره؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الإمام ابن القيم في تحفة المودود: ومما يمنع منه: التسمية بأسماء القرآن وسوره، مثل: طه، ويس، وحم، وقد نص مالك على كراهة التسمية بـ( يس)، ذكره السهلي. هـ.

وقال الشيخ بكر أبوزيد في معجم المناهي اللفظية: كره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم، مثل: طه، يس، حم. هـ.

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن المراد بذلك أسماء القرآن نفسه، وأما أسماء سوره: فالمراد هذه الأسماء المذكورة: طه ويس وحم ـ وما في معناها مما لا يراد به إلا ألفاظ القرآن، ولا معنى له في ذاته، كهذه الحروف المقطعة فإن الذهن لا ينصرف عند سماعها إلا إلى سور القرآن وحروفه.

وأما الألفاظ العربية التي لها معنى صالح للتسمية به: فتبقى على أصل الإباحة، وإن كانت من أسماء سور القرآن ـ كالشمس والقمر، والنجم والطارق، والفجر، والفتح، والرعد، والجمعة، والنصر، وقريش ـ ويتأكد ذلك بأن هناك من أسماء سور القرآن ما تستحب التسمية بها إجماعا كالسور التي سميت بأسماء الأنبياء: كمحمد وإبراهيم ونوح ويوسف ويونس وهود أو غيرهم من الصالحين ـ كلقمان ومريم.

ويؤكد هذا أيضا أن من أهل العلم ـ كابن رشد ـ من نص على العلة في كراهية اسم: يس ـ عند الإمام مالك ـ رحمه الله ـ كونه اسما لله تعالى أو للقرآن نفسه، ولم يذكر احتمال كونه اسما لسورة من القرآن.

قال عليش في منح الجليل: وفي سماع أشهب: تكره بيس.

ابن رشد: للخلاف في كونه اسما لله تعالى أو للقرآن.

ابن عرفة: ومقتضى هذا التحريم. هـ.

هذا، مع كون كراهة ذلك ليست محل إجماع، قال البهوتي في كشاف القناع: ولا يكره أن يسمى بجبريل ونحوه من أسماء الملائكة وياسين قلت: ومثله طه، خلافا لمالك، فقد كره التسمية بهما. هـ.

ومن جهة أخرى، فإنه ينبغي التفريق بين الألفاظ العربية التي يسمى بها لكونها اسما لسورة من سور القرآن، وبين التي يسمى بها باعتبار معناها.

فإِنْ كرهنا الأولى تنزيها واحتياطا، فينبغي أن لا نحكم بكراهة الثانية، ومن ذلك اسم: براءة ـ فإن مَنْ علمنا ممن يسمي بهذا الاسم، إنما يسمي به باعتبار معناه، ولا يقصد أبدا اللفظ القرآني الذي افتتحت به سورة التوبة. فما بالنا! ومن أهل العلم من كان يسمى: توبة ـ وقد ذكر منهم البخاري في تاريخه خمسة رواة، أشهرهم: توبة العنبري، وهو ثقة من رجال الشيخين.

وعلى ذلك، فلا حرج على الأخت السائلة في اسمها ـ إن شاء الله تعالى.

وأما ما قرأته في موقعنا: فليس فيه أن اسم براءة غير جائز، وإنما فيه أنه: لا ينبغي ـ كما في الفتويين رقم: 74980، ورقم: 80579. أو: يكره ـ كما يفهم من الفتوى رقم: 25474.

وهذا مبناه على الخلاف السابق، والذي يظهر لنا الآن هو عدم الكراهة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني