الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عالج غضبك وارفق بامرأتك واصبر عليها

السؤال

أنا رجل ملتزم ولله الحمد، ولكن مشكلتي التي أحاول التخلص منها ولم أستطع حتى الآن هي سرعة الغضب والعصبية الزائدة التي تنتابني لأتفه الأسباب، وقد حاولت كثيراً التخلص منها، وأنا أعرف الآيات والأحاديث النبوية التي تكلمت عن الحلم والأخلاق، ولكني أصطدم عند التطبيق بنيران تخرج من صدري وأفقد السيطرة على أعصابي، منذ بضعة أيام حدثت مشكلة مع زوجتي عندما أردنا الخروج من المنزل برفقة الصغار، وأصرت على أن تقود السيارة (مسموح بقيادة المرأة السيارة في بلدنا) وأنا سايرتها على مضض ولكن لطف رب العالمين نجانا من حادث أليم حيث كادت أن تصدم طفلاً صغيراً، ولكن الله لطف بنا، وعندما عاتبتها على قيادتها الغلط بدت تضع اللوم علي، وأنني لم أعارض قيادتها وهنا استشاط غضبي كيف تفعل ذلك وكيف ترمي اللوم علي، وبدأت بالصراخ عليها وعلى تصرفاتها غير المسؤولة، وهنا طلبت أن تنزل من السيارة، وعندما قلت لها انتظري حتى أجد مكاناً مناسباً لتوقيف السيارة فهددت بأنها ستفتح الباب وتلقي بنفسها من السيارة فقلت لها سأفتعل حادثا وأقضي على كل الموجودين بالسيارة، ولم أقل ذلك إلا لأرعبها وتخاف على صغارها لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وهددت وتوعدت مره أخرى، وعندما قلت لها دعينا نرجع للبيت، ولكنها رفضت وطالبت بالنزول في منتصف الطريق، وعندما أوقفت العربة على اليمين نزلت وفتحت الباب الخلفي لتأخذ الصغير الذي عمره سنه ونصف فقلت لها دعيه، وعندما لم تسمع الكلام سرت بالعربة وتركتها لوحدها بالطريق ومشيت وعلا صياح الأطفال، وبدأوا بالبكاء فقلت لا عليكم سوف نعود للبيت وهي سوف ترجع بعد أقل من ساعة؛ لأنها أم ولا تستطيع الجلوس بدون ابنها، ولكنها لم تفعل، وبعد 3 ساعات أخبرت أخاها الأكبر حيث والدها متوفى وبحث عنها، وأخذها لبيته، واتصل بي أن أحضر وطالبني بتخفيف من عصبيتي وأنه أهمها أنها مخطئة ورجاني أن أنتبه عليها وأنها حساسة جدا ً(حساسية زائدة عن الحد الطبيعي )وعندما عدنا إلى البيت قالت بأنها لن تركب معي في السيارة أبدا (وأنا اشتريت السيارة من كثرة إلحاحها علي )وأنها لا تريد إلا تربية أطفالها فقط، وإني ليس لي في قلبها مكانة بعد الآن، وأنها غير مخطئة، وأنها أصبحت تكرهني، ولن تقدم لي سوى الطعام، وأنا لا أريد أن أطلقها حرصاً على مصلحة الأطفال، وأعرف حبهم لها، وكذلك حبهم لي، ولكن إذا بقي قلبها مملوءا بالسواد والغل، فليس أمامي إلا أن أطلقها مكرهاً لأنني لا أحتمل العيش مع زوجة لا تريدني، ولكنني أصبر الآن على مضض علها تصلح الأحوال وتعود إلى رشدها، ونحن الاثنين نعمل على تحفيظ ابني الكبير القرآن، ولكننا نختلف ونتشاجر على الأسلوب، فأنا أطالبها بأن يحفظ ويدارس ويراجع ما حفظ حتى لا يتفلت منه وهي تصر على المضي بتحفيظه دون أن تترك له وقتا للمدارسة والمراجعة، أو حتى أن يلعب كونه طفلا عمره 10سنوات، وأنا أخاف بأن يكره كتاب الله من وراء أسلوبها. أرجوكم أن تشيروا علي ماذا أفعل. والله المستعان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قمت بتشخيص الداء الذي تعانيه ألا وهو داء الغضب والعصبية مع معرفتك بالعلاج الناجع أيضا، وبالتالي فلم يبق إلا أن تعزم عزما مؤكدا على مدافعة غضبك بادئا بالاستعانة بالله تعالى ودعائه والتضرع إليه أن يكفيك شر نفسك، ثم عليك بالتصبر والتحمل وتغيير الحالة التي كنت عليها حيث تجلس إن كنت قائما أو تضطجع إن كنت جالسا إضافة إلى المبادرة إلى الوضوء، والإكثار من ذكر الله تعالى، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 8038.

كما ننصحك بالرفق بزوجتك إن كانت حساسة عصبية، مع مراعاة مشاعرها ما استطعت؛ لأن ذلك معين على دوام العشرة بينكما، كما ننصحك بالصبر عليها، فحرصها على تحفيظ القرآن للولد دليل على أنها تحمل خيرا، ولا ينبغي أن يكون تصريحها بعدم حبك مبررا لطلاقها، فليس كل البيوت تبنى على الحب، كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 67315.

وبيت الزوجية لا يخلو غالبا من مشاكل تعكر صفوته، لكن يمكن للزوجين التغلب عليها بالحكمة والصبر والتحمل وتغليب المصلحة وتفادي هدم كيان الأسرة، فإن الشيطان أحرص ما يكون على إلقاء الفرقة والخصام بينكما، فاحذرا كيده ومكره.

ففي صحيح مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه، ويقول نعم أنت. قال الأعمش أراه قال فيلتزمه. انتهى.

وبإمكانك أن تجعل بعض أهل الخير والفضل وسطاء بينكما للإصلاح وصفاء المودة بينكما.

وتعليم القرآن لولدكما أجره عظيم وثوابه جزيل فقد قال صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري وغيره.

وأنت على صواب في طريقة تحفيظ الولد، فإن تخصيص وقت للمراجعة أدعي لتثبيت ما سبق حفظه، إضافة إلى أن الأولى ترك فسحة للولد يستريح فيها ويتسلى ببعض الألعاب والأمور المباحة؛ مخافة أن تدركه السآمة والملل فيكره التعلم والحفظ، وقد ينعكس ذلك على مستوى حفظه، بل ربما قاده ذلك إلى الانقطاع عن الحفظ نهائيا- لا سمح الله - وراجع الفتوى رقم: 74382.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني